نفوسهم ومصالحهم ، وبغض النظر عن أي شيء آخر.
فجاء الرفض النبوي لقبولهما ، منسجما مع طبيعة ذنبهما ، وموجها لحقيقة ما يطلب منهما ، حيث لم يظهر منهما ما يدل على الرغبة في إصلاح علاقتهما بالله سبحانه ، والإعتراف بخطأهما في ممارساتهما التي كانت تهدف إلى إضعاف دين الله ، وزعزعة يقين الناس بهذا الدين.
وقد أشار النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى هذه الحقيقة حين أعلن عن سبب موقفه منهما ، وهو : أن أحدهما قد هتك عرضه ، لأنه كان يهجوه ، ويظهر الإستهانة به ، ويصغّر من شأنه كشخص ، توصلا لإسقاط هيبته ، وإضعاف دعوته وتكذيب نبوته.
كما أن الآخر قد اقترح عليه اقتراحات تهدف هي الأخرى إلى تكذيبه في نبوته ، من حيث إنها تدخل الشبهة على الضعفاء ، وتجعلهم يصدقون المقولة الباطلة في لزوم كون النبي «صلىاللهعليهوآله» من غير البشر.
أي أنه يريد أن يفهم الناس : أن من يرقى إلى السماء ، ويفعل تلك الخوارق لا يمكن أن يكون بشرا ..
وعلى هذا الأساس : إن استجاب النبي «صلىاللهعليهوآله» لتلك المطالب ، فإما أن يكون ليس من جنس البشر ، أو يكون ساحرا كذابا ، والعياذ بالله .. وإن لم يستجب لها ظهر أنه ليس صادقا في ادّعائه النبوة.
مع أنه لو جاء بكتاب يقرؤونه ونحو ذلك لفتح لهم باب الجدال بالباطل والتكذيب والاتهام على مصراعيه ..
وبذلك تكون الشبهة قد دخلت على الناس في جميع الأحوال .. وهذه جريمة كبرى ، وجرأة عظيمة على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله ، وعلى دينه ..