ويقال : إنهم ذاكروه فأبى ذلك (١).
فأعانوا بالسلاح والكراع والرجال ، ودسوا ذلك سرّا لئلا تحذر خزاعة ، وخزاعة آمنون غارون لحال الموادعة ، ولما حجز الإسلام بينهم.
ثم اتعدت قريش وبنو بكر وبنو نفاثة أن يأتوا إلى (الوتير) ، وهو موضع أسفل مكة ، وهو منازل خزاعة ، فوافوا للميعاد فيهم رجال من قريش ، من كبارهم ، متنكرون منتقبون ؛ منهم : سهيل بن عمرو ، وصفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، وحويطب بن عبد العزى ، وشيبة بن عثمان ـ وأسلموا بعد ذلك ـ ومكرز بن حفص ، وأجلبوا معهم أرقاءهم.
ورأس بني بكر نوفل بن معاوية الديلي ـ وأسلم بعد ذلك ـ.
فبيتوا خزاعة ليلا ، وهم غارون آمنون ـ وعامتهم صبيان ، ونساء ، وضعفاء الرجال ـ فلم يزالوا يقتلونهم حتى انتهوا إلى أنصاب الحرم.
فقال أصحاب نوفل بن معاوية له : يا نوفل ، إلهك ، إلهك. قد دخلت الحرم!
فقال كلمة عظيمة : لا إله لي اليوم ، يا بني بكر ، لعمري إنكم لتسرقون الحاج في الحرم ، أفلا تدركون ثأركم من عدوكم ، ولا يتأخر أحد منكم بعد يومه عن ثاره؟!
فلما انتهت خزاعة إلى الحرم دخلت دار بديل بن ورقاء ، ودار مولى لهم يقال له : رافع الخزاعيين ، وانتهوا بهم في عماية الصبح.
ودخلت رؤساء قريش منازلهم ، وهو يظنون أنهم لا يعرفون ، وأنه لا
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٠١ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٥٧.