ولكنهم بالرغم من ذلك كله ، ما زالوا يظهرون في أفعالهم وأقوالهم ما يشير إلى خطأ فاحش في أساس نظرتهم إليه ، وإلى تعاليمه. ويتجلى ذلك في حوادث فتح مكة المختلفة ، فقد حفلت تصريحات كثيرة لزعمائهم ، بأن ما يرونه لدى محمد «صلىاللهعليهوآله» هو الملك. رغم أنهم قد شاهدوا الكثير من المعجزات والكرامات الدالة على أنها النبوة ، والرعاية والإرادة الإلهية ..
ومن المفردات التي تدخل في سياق هذه السياسة من هؤلاء العتاة قول أبي سفيان للعباس أكثر من مرة : «لقد أصبح ابن أخيك ـ والله ـ عظيم الملك». أو «ما رأيت ملكا قط كاليوم ، لا ملك كسرى ولا قيصر» أو نحو ذلك ..
ويجيبه العباس بأنها النبوة ، وليست الملك ..
ومن ذلك أيضا : أن حكيم بن حزام حين قيل له : بايع.
قال : «أبا يعك ، ولا أخر إلا قائما».
فهو يراه ملكا مثل سائر الملوك ، في فارس والروم وغيرها ، لا بد من أن يخضع الناس له إلى حد أنهم يخرون سجدا أو ركعا بمجرد رؤيته تحية له .. وكأن حكيم بن حزام أراد أن يشترط لنفسه أمرا يمتاز به عن غيره من العرب ، وهو : أن لا يخر ساجدا أو راكعا في تحيته له ، بل يحييه وهو قائم.
ولكن جواب النبي «صلىاللهعليهوآله» لحكيم قد بيّن : أنه لا توجد مطالب من هذا النوع في قاموس تعامل الناس مع النبي «صلىاللهعليهوآله» .. فهو يقول : أما من قبلنا فلن تخر إلا قائما .. أي أنه ليس في شرعنا ، ولا في قراراتنا المرتبطة بالتعامل مع الآخرين أي خضوع يصل إلى حد