يأمل بتجاوز هذه المرحلة ، وهو يريد أن يحتفظ لنفسه بوضع خاص ، يحفظ له محوريته بين أهل الشرك ، ومرجعيته لهم.
أو على الأقل يريد أن يكون له ملك في مقابل نبوة محمد ، التي حاول أن يصر على أنها مظهر من مظاهر الملك أيضا .. فطلب من النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يرجئ طلب الإقرار بالشهادة له بالنبوة.
فأعطاه «صلىاللهعليهوآله» فرصة ليتدبر أمره في تلك الليلة. وفي اليوم التالي : عاد ليكرر ذلك الطلب عليه ، ويعود أبو سفيان إلى المراوغة مرة بعد أخرى ، معتمدا على معسول من الكلام ظنا أنه يبلّغه إلى ما يريد ..
ولكن القضية لم تكن قابلة للإستمرار ، لأن أبا سفيان ظل منذ أن بعث الله محمدا «صلىاللهعليهوآله» يرتكب أعظم الجرائم والموبقات ويحارب الله ورسوله ، ويتسبب بإزهاق الأرواح ، وظلم النفوس ، والعدوان على الناس في كراماتهم ، وفي حرياتهم ، وفي جميع الشؤون .. ولا بد من إزالة تبعات ذلك كله ، إما بالجزاء العادل ، وهو مواجهة القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة ، فيما لو أصر على اللجاج والعناد ، وعلى إعلان الحرب على الحق وأهله بالسيف ، وبالكلمة ، وبالموقف. وهذا في حد نفسه جرم عظيم ، وظلم جسيم للدين وللمؤمنين .. ولا مجال للتجاوز عنه أو التساهل فيه .. لأنه يقود إلى إضلال الناس ، أو إلى استمرار كثير من الضالين على ضلالهم. وإما أن يتراجع عن شركه ، ويعلن إسلامه ، وبطلان ما كان عليه ، ويقر بخطئه في مواقفه ، وفي ممارساته السابقة. وبذلك يستفيد من سماحة الإسلام الذي منحه عفوا في الدنيا عن جرائمه وعفوا في الآخرة إن تاب توبة نصوحا ..