استدلّ صاحب الفصول على مختاره : بأنّ الحاكم بالملازمة بين الوجوبين هو العقل ، ولا يرى العقل إلّا الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب ما يقع في طريق حصوله وسلسلة وجوده ، وفيما سوى ذلك لا يدرك العقل أيّة ملازمة بينهما.
وأُورد عليه : بأنّ العقل الحاكم بالملازمة دلّ على وجوب مطلق المقدّمة لا خصوص ما إذا ترتب عليها الواجب ، لثبوت مناط الوجوب أعني التمكن من ذيها في مطلقها وعدم اختصاصه بالمقيّد بذلك منها.
ولكن الحقّ انّه لو قلنا بوجوب المقدّمة لاختصّ الوجوب بالموصلة منها ، وذلك لأنّ الغاية تُحدِّد حكم العقل وتضيّقه ، وذلك لأنّ التمكّن من ذي المقدّمة وإن كان غاية لوجوبها لكنّها ليست تمامها ، والغاية التامة هي كون المقدّمة الممكِّنة ، موصلة لما هو المطلوب ، وإلّا فلو لم تكن موصلة ، لما أمر بها ، لأنّ المفروض أنّ المقدّمة ليست مطلوبة وإنّما تطلب لأجل ذيها.
وإن شئت قلت : إنّ المطلوب الذاتي هو التوصّل خارجاً ، دون التوقّف ، فلو فرض إمكان التفكيك بينهما ، لكان الملاك هو التوصّل خارجاً دون التوقف.
وبما انّ المقدّمة في متن الواقع على قسمين يتعلّق الوجوب بالقسم الموصل في الواقع ونفس الأمر دون غيره.
وتظهر الثمرة بين القولين فيما إذا توقّف إنقاذ النفس المحترمة على إتلاف مال الغير إذا كان أقلّ أهمية منها ، ولو افترضنا أنّه أتلفه ولم ينقذ الغريق ، فعلى القول بوجوب مطلق المقدّمة لم يرتكب الحرام ، لامتناع اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد ، بخلاف ما إذا قلنا بوجوب المقدّمة الموصلة ، فبما أنّها لم يكن موصلة لم تكن واجبة بل باقية على حرمتها.
واستدلّ على القول الثالث : بأنّ قصد التوصّل قيد للواجب ، فالواجب هو خصوص ما أوتي به بقصد التوصّل.