مقدّمية لترك أحد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر ، فلا ترك الصلاة مقدّمة للإزالة ولا ترك الإزالة مقدّمة للصّلاة ، بل غاية الأمر انّ بينهما منافرة ومعاندة لا يجتمعان في زمان واحد. وأمّا كون أحد التركين مقدّمة للآخر فلا ، لأنّ السبب الحقيقي لتحقّق كلّ واحد من الضدّين ، هو إرادة المكلّف واختياره ، فإذا وقع امام الضدين ورأى انّ الجمع بينهما أمر غير ممكن ، يختار واحداً منهما ، ويترك الآخر ، حسب اقتضاء غرضه ، من دون أن يكون ترك أحدهما مقدّمة لفعل الآخر.
ويمكن إبطاله أيضاً بوجه آخر وهو انّ جعل العدم موقوفاً عليه غفلة عن حقيقة العدم ، فإنّ العدم أمر ذهني لا وجود له في الخارج كما هو واضح ، وما هو هذا شأنه لا يكون مؤثّراً ولا متأثّراً ولا موقوفاً ولا موقوفاً عليه.
وأمّا الأمر الثاني ، أي وجوب المقدّمة التي هي «ترك الصلاة» فقد عرفت ضعفه لما عرفت من أنّ وجوب المقدّمة دائر بين ما لا حاجة إليه أو كونه لغواً.
وأمّا الأمر الثالث أي كون الأمر بالشيء حتّى الأمر المقدّمي مثل «اترك الصلاة» ، يقتضي النهي عن ضدّه العام ونقيضه أي الصلاة ففيه انّ هذا النهي (لا تصلّ) امّا غير محتاج إليه إذا كان الأمر بالترك باعثاً ، أو لغو إذا كان الأمر بالترك غير باعث.
إلى هنا تمّ الكلام في اقتضاء وجوب الشيء حرمة ضدّه سواء أُريد منه الضدّ العام أو الخاص من باب المقدمية.
وأمّا المسلك الثاني ، أي مسلك الملازمة فقد أوضحنا حاله في الموجز (١) فلا نطيل فلاحظ.
__________________
(١) الموجز : ٥٧٥٦.