وأوّل من غفل عن طريقة أصحاب الأئمّة (عليهمالسلام) واعتمد على فن الكلام ، وعلى أُصول الفقه المبنيّين على الأفكار العقلية المتداولة بين العامة ، محمد بن أحمد ابن الجنيد العامل بالقياس ، وحسن بن علي بن أبي عقيل العماني المتكلم ، ولما أظهر الشيخ المفيد حسنَ الظن بتصانيفهما بين أصحابه منهم السيد الأجل المرتضى ، وشيخ الطائفة شاعت طريقتهما بين متأخري أصحابنا ، حتى وصلت النوبة إلى العلّامة الحلّي ، فالتزم في تصانيفه أكثرَ القواعد الأُصولية من العامة ، ثمّ تبعه الشهيدان والفاضل الشيخ علي رحمهمالله تعالى. (١)
أقول : الأخبارية منهج مبتدع ، ولم يكن بين علماء الشيعة إلى زمان ظهورها منهجان متقابلان متضادان في مجال الفروع باسم المنهج الأُصولي والأخباري حتى يكون لكل منهج مبادئ مستقلة يناقض أحدهما الآخر ، بل كان الجميع على خطّ واحد ، وكان الاختلاف في لون الخدمة وكيفية أداء الوظيفة.
يقول شيخنا البحراني : إنّ العصر الأوّل كان مملوءاً من المجتهدين والمحدّثين مع أنّه لم يرتفع بينهم مثل هذا الخلاف ولم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف وإن ناقش بعضهم بعضاً في جزئيات المسائل. (٢)
والعجب انّ الشيخ الاسترابادي (رحمهالله) استدلّ على انقسام علماء الإمامية إلى أخباريّين وأُصوليّين بأمرين :
١. ما ذكره شارح المواقف ، حيث قال :
كانت الإمامية أوّلاً على مذهب أئمّتهم حتى تمادى بهم الزمان فاختلفوا وتشعّب متأخّروهم إلى المعتزلة وإلى الأخباريين ، وما ذكره الشهرستاني في أوّل
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ٤٤ ، الطبعة الحجريّة.
(٢) الحدائق الناضرة : ١٦٧ / ١٧٠١ ، المقدمة الثانية عشرة.