هذا الفصل.
ثمّ إنّ العام وما يكون له المفهوم إمّا يقعان في كلام أو كلامين على نحو يصلح أن يكون كلّ منهما قرينة متصلة على التصرف في الآخر ودار الأمر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم ، فيعمل بالأظهر منهما ، وهذا كما في قوله سبحانه : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ). (١)
فانّ الصدر ظاهر في المفهوم ، وهو عدم وجوب التثبُّت عند خبر العادل ولكن الذيل عام (٢) يدلّ على لزومه عند كلّ خبر غير علمي سواء كان المخبر فاسقاً أو عادلاً ، لأنّ الجهالة بمعنى عدم العلم موجود في كلا القسمين ، فعندئذ يقدم الأظهر منهما على الآخر وإلّا فيتساقطان ، وأمّا ما هو الأظهر فقد اختلفت فيه أنظارهم.
فهناك من يقدّم المفهوم على العام وهناك من يعكس ، والتّحقيق موكول إلى محلّه.
هذا كلّه إذا كان العام وما يدلّ على المفهوم في كلام واحد ، وأمّا إذا كان منفصلين فهل يخصّص العام بالمفهوم أو لا؟
فالظاهر انّه إذا لم تكن قوّة لأحد الدليلين في نظر العرف على الآخر يعود الكلام مجملاً ، وأمّا إذا كان أحدهما أظهر من الآخر فيقدم الأظهر. فربما يكون المفهوم أظهر من حكم العام وإليك المثال :
أ. روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : انّه سئل عن الماء يبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب ، قال (عليهالسلام): «إذا كان الماء قدر كرّ
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) لوقوع النكرة (بجهالة) في سياق النفي أي لئلّا يصيبوا ...