إنّ الحمل على قسمين :
١. حمل أوّلي ذاتي ، وهو عبارة عن الوحدة بين المحمول والموضوع مفهوماً ، كما إذا قيل : الحيوان الناطق إنسان.
٢. حمل شائع صناعي ، وهو عبارة عن اختلاف الموضوع والمحمول مفهوماً والاتحاد مصداقاً ووجوداً ، كما إذا قلنا : زيد إنسان.
إذا أردنا أن نتعرف على أنّ لفظ الإنسان هل هو موضوع للحيوان الناطق ، فنجعل المعنى موضوعاً ، واللّفظ الذي بصدد استعلام حاله محمولاً ، فنقول : الحيوان الناطق إنسان ، فنستكشف عن صحّة الحمل مفهوماً ، كون الثاني موضوعاً للمعنى المفروض ، أعني : الحيوان الناطق. وبعبارة أُخرى : نجعل ما نتصوّر انّه معنى ، موضوعاً للقضية وننظر إليه بما انّه معنى محض ليس معه لفظ ، ونجعل اللّفظ الذي نريد تبيين معناه محمولاً ، فيقال : الحيوان المفترس ، أسد.
هذا إذا كان اللّفظ والمعنى متميّزين كما في المثالين ، وأمّا إذا لم يكن كذلك كما في المترادفات التي يصلح أن يكون كلّ مبيّناً وموضحاً للآخر ، فيجعل المعلوم موضوعاً والمبهم محمولاً ، ويقال : المطر هو الغيث وإن جاز العكس.
فكما أنّ صحّة الحمل آية الوضع ، فكذلك صحّة السلب آية عدمه ، كما إذا قال : الرجل الشجاع ليس بأسد.
هذا كلّه حول الحمل الأوّلي ، وأمّا الحمل الشائع الصناعي فيجعل المصداق موضوعاً واللفظ الذي بصدد استعلام حاله محمولاً ويقال : زيد إنسان ، لكنّه لا يثبت به كون الموضوع هو الموضوع له للمحمول ، وإنّما يُثبت كونه من مصاديق المعنى الذي وضع له المحمول.
فتحصل من ذلك انّ الحمل الأوّلي يثبت كون المعنى هو الموضوع له ، لكن الحمل الثاني يثبت انّه مصداق للمعنى الذي وضع له اللّفظ.