ثمّ إنّه أورد على كون صحّة الحمل علامة بأُمور نذكر منها أمرين أحدهما في المتن والآخر في الهامش :
الأوّل : انّ الاستكشاف والاستعلام حاصل من التبادر الحاصل من تصوّر الموضوع السابق على الحمل ، فيكون إسناده إلى الحمل في غير محلّه. (١) يلاحظ عليه أوّلاً : أنّه إنّما يرد إذا كان المستعلم عن طريق صحّة الحمل من أهل اللسان ، فيتقدم التبادر عنده على صحّة الحمل دون ما إذا لم يكن من أهله فليس عنده تبادر حتى يتقدم على صحة الحمل ، ومن صحّ عنده الحمل ، بما انّه ليس بصدد استكشاف المعنى ، غافل عن تبادره.
وثانياً : سلمنا انّ المستعلم من أهل اللسان لكنّه إنّما يرد إذا كان زمان الاستكشاف مقارناً لزمان الحمل فيسبقه التبادر ويغني عن غيره. وأمّا إذا كان زمان الحمل مقدماً على زمان الاستكشاف كما إذا ألقى محاضرة واشتملت على أحد الحملين من دون أن يكون بصدد استكشاف المعنى الموضوع له ، ثمّ صار بصدد الاستكشاف فرجع إلى خطاباته ومحاضراته ورأى أنّ حمل المحمول بما له من المعنى الارتكازي على الموضوع متلائم جداً ، فيستكشف انّ الموضوع الذي حمل عليه اللّفظ ، هو المعنى الحقيقي. (٢)
__________________
(١) تهذيب الأُصول : ٥٨ / ١.
(٢) الثاني : ما يقال انّ صحّة الحمل إنّما تكون علامة على كون المحمول عليه ، هو نفس المعنى المراد في المحمول أو مصداق المعنى المراد ، امّا انّ هذا المعنى المراد في جانب المحمول هل هو معنى حقيقي للّفظ أو مجازي؟ فلا سبيل إلى تعيين ذلك عن طريق صحّة الحمل ، بل لا بدّ أن يرجع الإنسان إلى مرتكزاته لكي يعيّن ذلك.(١)
يلاحظ عليه : هذا الشرط أنّ كون المعنى المراد في جانب المحمول معنى حقيقي ، حاصل وذلك من خلال كون الحمل عارياً عن كلّ شرط ويكفي هذا في كون المعنى حقيقياً ، بخلاف المعنى المجازي فلا يصحّ الحمل إلّا مع شرطين :