٢. انصراف صيغة الأمر إلى الوجوب
يلاحظ عليه : أنّ الانصراف إمّا لكثرة الوجود أو لكثرة الاستعمال ، وكلا الأمرين موجودان في جانب الندب أيضاً.
٣. كون الصيغة كاشفة عند العقلاء عن الإرادة الحتمية.
يلاحظ عليه : أنّ الكشف لا يمكن أن يكون إلّا بملاك ، والملاك إمّا كونه موضوعاً للوجوب ، أو الانصراف ، أو كونه مقتضى مقدّمات الحكمة ؛ والأوّلان غير تامّين كما عرفت ، والثالث يعود إلى الوجه الرابع الذي نتلوه عليك.
٤. انّ مقتضى مقدّمات الحكمة هو حمل الصيغة على الوجوب وحاصله : انّ الإرادة الوجوبية تفترق عن الإرادة الندبية بالشدة ، فانّها ليست شيئاً سوى الإرادة ، وأمّا الإرادة الندبية فهي تفترق عن الوجوبية بالضعف وهو غير الإرادة ، فالإرادة الوجوبية إرادة خالصة ، بخلاف الإرادة الندبية فإنّها محدودة بحدّ خاص (الضعف) فتكون الإرادة الندبية أمراً ممزوجاً منها ومن غيرها ، وعلى هذا فإطلاق الكلام كاف في مقام الدلالة على الإرادة الوجوبية إذ لا حدّ لها ليفتقر المتكلّم في مقام إفادته إلى بيان ذلك الحدّ ، بخلاف الإرادة الندبية فانّ الحدّ ليس من سنخ المحدود فيفتقر إلى تقييد الكلام به. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره غفلة عن حقيقة التشكيك ، فهي عبارة عمّا يكون ما به التفاوت نفس ما به الاشتراك ، وعلى ذلك فالضعف أيضاً مثل الشدة من سنخ المحدود (الإرادة) وليس الضعف أمراً وجوديّاً منضمّاً إلى النور كما أنّ الشدّة كذلك ، بل النور الضعيف مثل النور القوي ، نور ، لا انّه نور وضعف ، كما أنّ
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٢١٤ / ١.