أنبأنا أبو أحمد الأمين ، عن أبي الفضل الفارسي : أن أبا علي الحسن بن أحمد البناء أخبره ونقلته من خط أبي علي قال : حكى لي أبو طاهر بن الغفاري : أن أبا الحسن بن البواب أخبره أن ابن نبهان استدعاه فأبي المضي إليه وتكرر ذلك ، قال : فمضيت إلى أبي الحسن القزويني وقلت : ما ينطقه الله به أفعله ، قال : فلما دخلت إليه قال لي : يا أبا الحسن ما أخبرك عنا؟ فاعتذرت إليه ثم قال : قد رأيت مناما فقلت مذهبي تفسير المنامات من القرآن فقال : رضيت ، ثم قال : كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري ، قال : وعنده فرح بذلك كيف يجتمع له الملك والوزارة وهو لا يدري ما تأويله ، فقلت : قال الله تعالى (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ) وذكرت هذه ثلاثا ، قال : فنهض ودخل حجرة النساء ونهضت ومضيت إلى منزلي ، فلما كان بعد ثلاثة أيام انحدر (١) إلى واسط على أقبح حال وكان قتله هناك.
أنبأنا أبو منصور بن أبي القاسم البزار ، عن محمد بن أبي طاهر الشاهد قال : كتب إلى أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران الواسطي قال : حدثني أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب قال : حدثني أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب قال : كنت أتصرف في خزانة الكتب لبهاء الدولة بشيراز على اختياري وأراعيها له وأمرها مردود إليّ ، قال : فرأيت يوما في جملة أجزاء منبوذة جزءا مجلدا بأسود قدر السكري ، ففتحته فإذا هو جزء من ثلاثين جزءا من القرآن بخط أبي علي بن مقلة ، فأعجبني وأفردته وجعلت وكدي التفتيش على مثله ، فلم أزل أظفر بجزء بعد جزء مختلط في الكتب إلى أن اجتمع تسعة وعشرون جزءا وبقي جزء واحد ، واستغرقت تفتيش الخزانة في مدة طويلة فلم أظفر به ، فعلمت أن المصحف ناقص فأفردته ودخلت إلى بهاء الدولة وقلت : يا مولانا! هاهنا رجل يسأل حاجة لا كلفة فيها ، وهي مخاطبة أبي علي الموفق على معونته في منازعة بينه وبين خصم له ، ومعه هدية ظريفة تصلح لمولانا ، قال : أي شيء هي؟ قلت : مصحف بخط أبي علي بن مقلة ، فقال : هاته وأنا أتقدم بما تريد ، فأحضرت الأجزاء فأخذ منها واحدا فقال : أذكر وكان في الخزانة ما يشبه هذا وقد ذهب عني ، قلت : هذا مصحفك وقصصت عليه القصة في طلبي له حتى جمعته ، وقلت : هكذا يطرح مصحف بخط أبي علي ينقص جزء ، فقال لي : فتممه لي ، قلت : السمع والطاعة ولكن على شريطة لا تبصر الجزء الناقص منها ولا تعرفه
__________________
(١) في الأصل : «أيام أحذر».