وقوله :
وفاتن الخلق ساحر الحلق |
|
منطق حيث حل بالحدق |
خفت ظلالا عن ليل غرته |
|
فبان لي وجهه عن الفلق |
بات صحفي وبت معتبقا |
|
لطيف كشح شهى معتنق |
وقد خفينا عن الرقيب فما |
|
نم بنا عن يسرة العنق |
وقوله :
وأزهر مثل البدر قد طاف موهنا |
|
علىّ بمثل الشمس من قرقف الخمر |
فو الله ما أدري وقد علني |
|
أمن طرقه أم من مدامته سكرى |
وقوله :
فارق نجد عوضا ممن يفارقه |
|
في الأرض وانصبت تلاف الرفه في النصب (٥) |
فالأسد لو لا فراق الخيس ما فرست |
|
والسهم لو لا فراق القوس لم تصب |
كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ونقلته من خطه قال : مجد العرب علي بن محمد بن غالب (١) العامري ؛ شاعر مبرز محقق ، وله خاطر معجز مفلق ، هو الداهية الدهياء وأعجوبة الدنيا ، وله المفره النفا (٢) والغرة الزهراء والرتبة الشماء ، يصب الشعر في قالب السحر ، ويباهي الفضلاء بالنظم والنثر ويصوغه في أسلوب غريب ، ومهده على قانون عجيب ، له اليد البيضاء في استخراج جواهر الأفكار من بحار الخواطر ، والقدم الراسخة في اختراع معان هي على فلك الفضل بمنزلة النجوم الزواهر ، كلماته متوافقة المعنى واللفظ ، مستوفية من الحسن أكمل الحظ ، قدم في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة أصبهان ، وكان مقيما بها إلى سنة ثمان وأربعين ، وانهالت (٣) التلامذة عليه ، ومالت أعناق المستفيدين إليه ، ومدح بقصائده الصدور ، وشرح بفوائده الصدور وضاع (٤) بها عرفه ولكن ضاع فيها عرفه فإنه غير محدود بفضله وكدى الزمان عذرا بمثله ، لقيته يوما في الجامع في بعض المجامع ضيق الصدر متورع الفكر ، مطرقا رأسه مصعدا أنفاسه ، فسألته عن حاله فأنشدني من مقاله :
__________________
(١) في الأصل : «محمد بن طالب».
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) في الأصل : «اسالت».
(٤) في الأصل : «وصاع».