خذا من لذيذ العيش ما رق أو صفا |
|
ونفسيكما عن باعث الهم فاصرفا |
ألم تعلما أن الهموم قواتل وأحجى |
|
الورى (١) من كان للنفس منصفا |
خليلي إن العيش بيضاء طفلة |
|
إذا رشف الظمآن ريقتها اشتفى |
من المشرقات الآنسات كأنها |
|
سقته نردى توسطت الجفا |
أتاه كأن البدر ألقى ضياءه |
|
عليها وردتها الغزالة مطرفا |
إذا خطرت هزت من السمر عاملا |
|
وإن نظرت سلت من البيض مرهفا |
وتفتر عن أحوى اللثاث لحاله |
|
حصا بردا وأقحوانا مرففا |
خليلي إني رضت دهري وراضني |
|
وجريت أحوال الرجال مكشفا |
وكم قد سرحت النفس في شهواتها |
|
وكنت لأخدان الصبابة مألفا |
وجررت ذيل اللهو في مسرح الصبا |
|
ونازعت أرباب البطالة قرقفا |
معتقة شهباء عطرية الشذا |
|
إذا شجها الساقي كأن بارق خفا |
وقد طال ما أنصبت راحلة الهوى |
|
ليالي كان الدهر بالوصل معفا (٢) |
وبت أعاطي الراح بيضاء خرعبا |
|
مبتلة أو ذا احورار منطفا |
أعن إذا عازلته رق لفظه |
|
وأصحب أو جمشته لأن معطفا |
كأن السلاف البابلي أعاره ال |
|
رضاب وسحبان الفصاحة متحفا |
إذا وسنت أجفانه استيقظ الهوى |
|
ونبه وجدا يوقظ الصب إن غفا |
بميل به راح الجمال فينثني |
|
دلالا ويكسو البان قدا مهفهفا |
سقى الله أرض الجامعين وتربها |
|
من الغيث هطال (٣) العشيات أو طفا |
إذا اصطبحت فيه الرعود تضاحكت |
|
عقائق أضحى برقها متكشفا |
وحنت به نيب القطار وأورمت |
|
روا عنه حين ازلأم وردفا |
وألقى على عام الرواتي بقاعة |
|
وجللها الزهر النضير وألحفا |
محل به انصنى الزمان شبيبتي |
|
وخط عذاري بالمشيب ونصفا |
فلما رأيت الأمر قد جد جده |
|
ونكر ما قد كان بالأمس عرفا |
__________________
(١) في الأصل : «رضيت الورى».
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) في الأصل : «عطال».