المذكورة لا ظهور لها فيه ، بل ظاهر أدلة تحريم كثير من الامور أن تحريمها لجهة تخصها ـ كالمسخ ـ لا لعدم دخولها في العناوين التي حصر بها التحليل.
وإن اريد من عدم دخوله في المحصور الشك في دخوله فيه ، فقد يوجه بأن ظاهر قوله تعالى اسمه : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ ...) حصر المحلل في الطيبات ، فالشك في حلية الحيوان راجع إلى الشك في كونه طيبا ، فيحرم ظاهرا.
لكنه يندفع .. أولا : بأن عطف صيد الجوارح على الطيبات شاهد بعدم كون المراد بالطيب الطيب بذاته في مقابل الخبيث بذاته ـ كالخنزير ـ ليمكن الشك في صدقه على بعض الحيوانات ـ كالأرنب ـ بل الطيب العرضي ، وهو المذكى بالذبح ، كما يشهد به ما في مجمع البيان قال : «وعن أبي حمزة الثمالي والحكم بن ظهيرة أن زيد الخيل وعدي بن حاتم الطائيين أتيا رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالا : إن فينا رجلين لهما ستة أكلب ، تأخذ بقرة الوحش والظباء ، فمنها ما يدرك ذكاته ومنها ما يموت ، وقد حرم الله الميتة ، فما ذا يحل لنا من هذا؟ فانزل الله :(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ...).
ولا أقل من إجمال الطيبات على ذلك المانع من الاستدلال بالآية ، ولا سيما مع أشرنا إليه من الاشكال في عموم حل الطيبات.
وثانيا : بأن الشك في صدق الطيب ـ لو تم الحصر ـ لا يقتضي البناء على التحريم ظاهرا ، بل على الحل ، لأنه مقتضى الأصل.
ولا مجال للرجوع إلى أصالة عدم كون الحيوان طيبا ، إذ لا يبعد كون الطيب من لوازم الماهية ، فلا يحرز سبق عدمه في الحيوان ولو كان أزليا. فتأمل. نعم ، بناء على أن تعليق الحل على أمر وجودي يقتضي البناء على عدمه عند عدم إحرازه ، كما تقدم في التنبيه الأول من بعض الأعاظم قدّس سرّه فقد يتجه البناء على الحرمة.