الميت ذكاته» (١) ، وما في صحيح الحلبي ، سألته عن الثنية تنفصم وتسقط أيصلح أن تجعل مكانها سن شاة؟ قال : «إن شاء فليضع مكانها سنا بعد أن تكون ذكية» (٢) ، وما في غير واحد من النصوص من إطلاق الذكي على الجلد ، مثل ما ورد في الكيمخت والخفاف والفراء المأخوذة من المسلمين (٣) ، وما ورد من إنكار ما عليه بعض العامة من أن دباغ جلد الميتة ذكاته (٤) ، ومثلها ما تضمن إطلاقه على المسك (٥) ، وغير ذلك مما يظهر منه أن الذكاة نحو من الطهارة والنظافة.
وكأن إطلاق الذكاة على المعنى المذكور بلحاظ تشبيهه بالنور الذي هو كالنار يوصف لغة بالذكاء ، ومن ثمّ سميت الشمس (ذكاء) ، كما أشار إليه في الجملة شيخنا الاستاذ (دامت بركاته) ، أو بلحاظ ملازمة الطهارة للنمو والبركة ، فيناسب التمام الذي تقدم رجوع الذكاة إليه في أصل اللغة.
نعم ، ليست الذكاة خصوص الطهارة المقابلة للنجاسة المعروفة ، بل قد يراد بها الطهارة المذكورة ، كما في ما تقدم في الصوف والسن ، ولعله إليه يرجع ما تقدم في اليبس ، ولو مجازا من حيث مشابهة اليابس للطاهر في عدم التنجيس.
كما قد يراد بها عند مقابلتها بالموت أمر آخر ، وهو الخلوص من خبث الموت وقذره المرتكز في أذهان العرف والمتشرعة ، وهو يختلف باختلاف الحيوانات ، فحيث كان الموت في ما له نفس سائله موجبا لنحو من الخبث يستلزم تنجسه كانت ذكاته ملازمة لخلوصه من التنجس ، وحيث كان في غيره
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢ باب ٥٦ ، من أبواب النجاسات ح ٥.
(٢) الوسائل ، ج ٢ باب ٦٨ ، من أبواب النجاسات ح ٥.
(٣) الوسائل ، ج ٢ باب ٥٠ ، من أبواب النجاسات وباب : ٥٥ من أبواب لباس المصلي.
(٤) راجع الوسائل ، ج ٢ باب ٦١ ، من أبواب النجاسات.
(٥) الوسائل ، ج ٣ باب ٤١ ، من أبواب لباس المصلي ح ٢.