وأما ما يظهر من غير واحد من اختصاص الأخبار بهما ، لاختصاصها بالخير والعمل الذي بلغ عليه الثواب ، وهو ظاهر في الأمر الوجودي ، كما يشهد له التفريع بقولهم عليهم السّلام : «فعمله» و «فصنعه» فلا يشمل بلوغ الثواب على الترك.
فهو غير ظاهر ، لأن المراد بالعمل مطلق فعل المكلف وإن كان عدميا ، خصوصا بلحاظ أن فعله هنا بمعنى حمل النفس عليه ، لا بمعنى محض تحققه ، لأن ذلك هو الذي يكون موضوع الثواب.
ولذا لا ريب ظاهرا في شمولها لما إذا دل الخبر على استحباب الترك وترتب الثواب عليه صريحا ، وذلك هو المناسب للارتكاز المشار إليه آنفا.
نعم ، أشرنا في المقام الأول إلى أن القول بحجية الخبر المذكور لا يستلزم حجيته في تمام مدلوله ، لعدم الإطلاق في دليل الحجية ، بل المتيقن منها حجيته في ترتب الثواب بالنحو المستلزم للرجحان من دون أن تحرز خصوصية الإلزام أو الندب.
وحيث كان هذا متفقا عملا مع الاستحباب اتجه منهم التسامح والتعبير بحجية الخبر في الاستحباب في مثل ذلك. وإلا فلا معنى لحجية الخبر الظاهر في الوجوب أو الحرمة أو الكراهة في الاستحباب ، كيف وقد يقطع بعدم الاستحباب لدوران الأمر بين أحد الاحكام المذكورة والإباحة.
ومنه يظهر أنه لا مجال للإيراد عليهم : بأن ضعف الخبر الدال على الوجوب لا يكون قرينة عرفا على حمله على الاستحباب.
هذا كله بناء على دلالة نصوص المقام على حجية الخبر المتضمن للثواب.
أما بناء على دلالتها على استحباب متابعته ـ كما هو مفاد الوجه الثاني والثالث ـ فالمتعين البناء في الجميع على الاستحباب الثانوي بسبب البلوغ ، وليس هو من باب مخالفة الحكم الظاهري للواقعي ـ كما يظهر من الآشتياني في