وأما الثانية ، فلا منشأ لها إلا توهم كون ذلك مقتضى أدلة الاصول بعد امتناع جريانها في تمام الأطراف ، فاللازم النظر في صلوح أدلة الاصول لذلك وعدمه.
وتوضيحه : أنه تقدم في التمهيد لمحل الكلام أن وجوب الموافقة القطعية راجع إلى حكم العقل بأن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، المعبر عنه ب (قاعدة الاشتغال) ، وأن رفع اليد عنه بالاكتفاء بالموافقة الاحتمالية يتوقف على أحد امور ..
الأول : رفع موضوع القاعدة المذكورة ، إما برفع فعلية التكليف في فرض الشك في امتثاله ، بحيث يكون الشك المذكور رافعا للتكليف على تقدير عدم امتثاله ، أو برفع تنجيزه حينئذ.
الثاني : تحقيق مقتضاها بالتعبد بما يحرز الامتثال ، بنصب الطريق إليه أو جعل الأصل العملي فيه.
وكأنه إلى هذا يرجع ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه من جواز الترخيص في بعض أطراف العلم الإجمالي بنحو جعل البدل الظاهري ، بأن يكون مراده به التعبد بأنه الحرام المعلوم بالإجمال الذي يكون امتثاله بمراعاته ، وأن الطرف المرخص فيه غيره.
وإلا فلا معنى لجعل البدل الظاهري بمجرد تحريم أحد الطرفين والترخيص في الآخر ، مع المحافظة على لزوم إحراز الفراغ الذي هو مقتضى قاعدة الاشتغال ، بل لازمه عدم لزوم إحراز الفراغ اليقيني ، مع أن ظاهره المفروغية عن لزومه وعدم جواز الخروج عنه.
وبعبارة اخرى : تفسير جعل البدل بما ذكرنا وإن كان هو صريح كلام