مجرد حصول متعلقها في الخارج ، بل هو مع صلوح الأمر للداعوية ، ليكون مقربا للعبد ، فتكمل نفسه ، ولذا صح الزجر عما لا يوجد الداعي إلى فعله دائما أو غالبا ، كنكاح الامهات ، وأكل لحوم الإنسان والقاذورات ، ومن الظاهر أن عدم الابتلاء بالمعنى المتقدم لا يمنع من صلوح التكليف للداعوية ، بترويض النفس على التعبد بالنهي المولوي وجعله داعيا ولو في عرض الدواعي الاخرى.
نعم ، يتجه ذلك في التكاليف العرفية ، إذ ليس الغرض منها إلا حصول متعلقها في الخارج.
لكن لا يخفى أن ما ذكره من الغرض ليس مقوما للتكليف الذي يكون به موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة وقبح المعصية ، ومن ثمّ كان التقرب المعتبر في العبادة قيدا في المأمور به مخالفا لإطلاقه ، لا مقوما للتكليف.
نعم ، هو أثر مناسب لمطلق المشروعية غير المختصة بالتكليف ، بل لا تختص بالتكاليف الشرعية ، فإن انفتاح باب التقرب يجري حتى في التكاليف العرفية ، وإن امتازت التكاليف الشرعية بحكم العقل بحسن التقرب والتعبد بالتكليف ، لمناسبته لمقام العبودية ، وكونه سببا لتطهير النفس ورقيها في درجات الكمال.
وكيف كان ، فهو لا ينفع في ما نحن فيه من منجزية العلم الإجمالي ولزوم الخروج عنه بالاحتياط في أطرافه دفعا لضرر العقاب.
وأما الزجر عن الامور المشار إليها فمن الظاهر أنه لم يرد الخطاب الشخصي بها من الشارع الأقدس في حق من استحكم الداعي في نفسه لتحقيق مقتضاها مع قطع النظر عنها ، بل ورود الخطاب بها بنحو القضية الحقيقية ، لبيان الضوابط الشرعية العامة في حق جميع الناس ، بمن فيهم من لم يستحكم في نفسه الداعي المذكور ، فلا تنافي عدم فعلية التكليف في مورد عدم الابتلاء ، كما لا تنافي عدم فعليته في حق العاجز.