ومن ثمّ لو شك في طروء المانع في فرض العلم التفصيلي بالتكليف لم تنفع قاعدة الاشتغال في لزوم مراعاة احتمال التكليف ، بعد فرض ارتفاع العلم به ، بل لا بد من منجز للتكليف ، من أصل موضوعي ، كاستصحاب نجاسة الماء ، المحرز لحرمة شربه ، أو حكمي إحرازي ، كاستصحاب حرمة شرب الماء ـ لو تم في نفسه ـ أو غير إحرازي ، كما في موارد انقلاب الأصل ، كالشك في القدرة وغيره. ولو لا ذلك لتعين الرجوع للبراءة من التكليف بعد فرض ارتفاع العلم به.
الثالث : استصحاب بقاء التكليف أو عدم طروء المانع منه ، فلو علم بنجاسة أحد الإنائين ـ مثلا ـ ثم علم بتطهير أحدهما معينا ، فاستصحاب نجاسة ما كان منهما نجسا سابقا يقتضي وجوب اجتنابه بترك الفرد الآخر.
وفيه : أن استصحاب بقاء التكليف لا ينفع في اجتناب الطرف الآخر الخالي عن المانع ، إلا بناء على الأصل المثبت ، لملازمة بقاء التكليف الإجمالي لتحققه فيه.
إن قلت : مراعاة احتمال التكليف في الطرف الخالي عن المانع ليس لإحراز كونه هو مورد التكليف المستصحب ، ليبتني على الأصل المثبت ، بل لاحتمال تحققه فيه وتوقف الفراغ عنه عليه ، فيجب مراعاة ذلك بمقتضى قاعدة الاشتغال بعد فرض تنجز التكليف بالاستصحاب ، فالاستصحاب بالإضافة إلى الطرف المذكور كالعلم الإجمالي بالإضافة إليه ، لا يقتضي تنجزه إلا بضميمة قاعدة الاشتغال ، ولا فائدة فيه إلا تنجيز التكليف على إجماله بدلا عن العلم به المفروض ارتفاعه بسبب طروء المانع.
قلت : لا مجال لجريان الاستصحاب بنحو يقتضي التعبد بالتكليف المعلوم بالإجمال ، لأن مقتضاه التعبد بالمستصحب ظاهرا تنجيزه على كل حال ، كما هو الحال في سائر موارد التعبد بالمضمون شرعا ، وهو لا يجتمع مع اليقين بثبوت الحكم الواقعي في مورده على تقدير اتحاد متعلقه مع الطرف المبتلى