مسقطا للتكليف على تقدير انطباقه على مورده ، إلا أن ملاك الحكم بوجوب الموافقة القطعية ، وهو دفع الضرر المحتمل يقتضي تجنب المعصية في الطرف الآخر ، المحتمل كونها معصية للتكليف المعلوم المنجز حذرا من العقاب.
وأما في غير ذلك من الموانع مما يمنع من استمرار التكليف مع اليقين بإطاعة التكليف في الزمان الأول الذي يعلم بتحقق التكليف فيه إجمالا ، فقد يصعب توجيه وجوب الاحتياط بعد فرض ارتفاع العلم الإجمالي من غير جهة الشك في المعصية والامتثال ، ولذا لا ريب في عدم وجوبه مع العلم التفصيلي لو فرض معه احتمال طروء المانع ، إلا بضميمة اصول أخر إحرازية ، كالاستصحاب الذي عرفت عدم جريانه في المقام ، أو غيرها ، كما في موارد الشك في طروء التعذر ، حيث تقدم غير مرة انقلاب الأصل معه ، وتقدم في أول الكلام في هذا التنبيه أنه لا مجال له في المقام ، لاختصاصه بما إذا شك في سعة القدرة لا في حال المقدور.
لكن الإنصاف : أن المرتكزات قاضية بعدم كفاية إعدام موضوع التكليف في بعض الأطراف في جواز ارتكاب بقيتها ، فلا يكفي إراقة أحد الإنائين المعلوم إجمالا نجاسة أحدهما في جواز استعمال الآخر ، ومن ثمّ كان وجوب إهراق الإنائين المشتبهين معا ، والتيمم ارتكازيا لا تعبديا محضا.
ولا منشأ لذلك إلا أن العلم الإجمالي لما فرض تنجيزه للمعلوم بالإجمال على ما هو عليه ، وجب إحراز الفراغ عنه على ما هو عليه. ومجرد العلم بطروء المانع في بعض الأطراف لا يرفع ذلك ، وإن ارتفع معه العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي ، فيجب مراعاة احتمال التكليف في الطرف الآخر لاحتمال انطباق المعلوم بالإجمال السابق عليه ، فهو نظير ارتفاع العلم بسبب الشك في الامتثال لا يمنع من منجزيته.
ولا فرق في ذلك ارتكازا بين إعدام الموضوع ، وانعدامه بنفسه ، وفقد