وعليه يبتني وجوب المحافظة على مقدمات المكلّف به المفوتة ، وهي التي لا يمكن تحصيلها إلا قبل الوقت ، حيث يظهر منهم الاتفاق عليه تبعا للمرتكزات العقلائية والمتشرعية ، وإن اختلفوا في وجهه.
فإن ذلك كاشف عن صلوح التكليف بالأمر المتأخر للداعوية العقلية قبل الوقت ، فيصلح لأن يكون طرفا لعلم إجمالي منجز.
ولا يهم مع ذلك تحقيق أن الأمر المتأخر دخيل في المكلّف به مع فعلية التكليف والملاك قبله ، لإمكان التكليف الفعلي بالأمر المتأخر ـ كما في الواجب المعلق عند صاحب الفصول قدّس سرّه ـ أو هو دخيل في التكليف عقلا أيضا ، لاستحالة التكليف بالأمر المتأخر ، إما مع فعلية ملاكه لتمامية موضوعه الشرعي ، كالنذر في المثال الأول ، أو مع عدم فعلية لأخذ الأمر المتأخر في موضوعه شرعا ، كالحيض في المثال الثاني.
نعم ، لو كانت المنجزية موقوفة على فعلية التكليف أو فعلية الملاك ، كان تحقيق ذلك مهما جدا ، وابتنى على الكلام في الواجب المشروط والمعلق.
وكأنه إلى ذلك نظر المحقق الخراساني قدّس سرّه في وجه التفصيل بين المثالين المتقدمين ، فإنه حيث ذهب إلى إمكان كل من الواجب المعلق الذي يكون فيه التكليف فعليا والمكلف به استقباليا ، والواجب المشروط بالمعنى المشهور ، وهو الذي يكون الشرط فيه شرطا للتكليف ، ولا يكون التكليف قبله فعليا ، اتجه منه التفصيل بين المثالين ، لظهور كون النذر الذي هو موضوع وجوب الوفاء فعليا ، وإن احتمل كون المنذور أمرا استقباليا ، أما الحيض الذي هو موضوع حرمة الوطء فحيث لم يكن محرزا لم يحرز فعلية التكليف المعلوم بالإجمال معه ، فلا يكون منجزا بناء على أن المدار في منجزيته العلم بالتكليف الفعلي ، ولا يكفي العلم بأحد تكليفين تدريجيين كل منهما فعلي في وقته ، كما يظهر منه في حاشية الرسائل.