مما اتاهم وعرفهم ، فيكون موردا للاحتجاج منه تعالى عليهم بمقتضى الحديث.
الرابع : ما عن كتاب التوحيد بسنده عن عبد الأعلى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عمن لم يعرف شيئا هل عليه شيء؟ قال : «لا» ، فانه ظاهر في بيان الأصل الأولي المذكور الذي لا ينافي وجوب الاحتياط للدليل الموجب لمعرفته. من دون فرق بين كون المراد بالشيء الأول فردا مرددا أو فردا معينا مفروضا في الخارج ، وكون المراد به العموم لأنه نكرة في سياق النفي.
وما ذكره شيخنا الاعظم قدّس سرّه من أنه على الثاني يكون ظاهره السؤال عن القاصر الذي لا يدرك شيئا.
مدفوع : بأن ظاهر الحديث السؤال عمن لم تتحقق له المعرفة ، لا عمن لا قابلية له للمعرفة.
نعم ، من لا يعرف شيئا أصلا قاصر غالبا ، إلا أن ظاهر الحديث كون الجهة المسئول عنها هي عدم معرفته لا قصوره.
الخامس : ما في ثواب الأعمال (١) ، وعن كتاب التوحيد ، بسنده عن حفص بن غياث ، سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : «من عمل بما علم كفي ما لم يعلم» (٢) ، فإنه صريح في عدم المؤاخذة مع عدم العلم.
نعم ، يكفي العلم بوجوب الاحتياط في لزوم العمل الذي تضمنه الحديث ، كما هو مفاد الأصل الأولي المذكور.
هذا حاصل ما تيسر لنا عاجلا من الأدلة على كون مقتضى الأصل الأولي البراءة. وقد عرفت أن عمدتها ـ بعد حكم العقل ـ الآية الشريفة والأحاديث
__________________
(١) باب ثواب من عمل بما علم ص : ١٣٣ ، طبع النجف.
(٢) الوسائل ج ١٨ ، باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣٠.