لو تمّ يغني عن الاستصحاب ، لفرض اليقين بالاشتغال وجدانا قبل الإتيان بشيء من المحتملين.
ولا مجال لتوهم ورود الاستصحاب على قاعدة الاشتغال في المقام.
لأن المعتبر في ورود الاستصحاب على القاعدة أن يتضمن التعبد بالتكليف في موردها ، كاستصحاب نجاسة الثوب الوارد على قاعدة الاشتغال بالصلاة لمن صلى به ، والاستصحاب لا ينهض بالتعبد بالتكليف بالباقي ، لابتنائه على الأصل المثبت ، كما ذكرنا ، وإنما يتضمن التعبد بالتكليف الإجمالي ، وهو لا يصلح للعمل إلا بلحاظ الطرف الباقي ، لاحتمال انطباق التكليف المعلوم بالإجمال عليه ، وهو متفرع على قاعدة الاشتغال ، والمفروض تحقق موضوعها مع قطع النظر عن الاستصحاب ، فلا يبقى له أثر معها.
وفيه : أن أثر الاستصحاب المذكور هو جعل مخالفة الطرف الباقي مخالفة قطعية بعد أن كانت بدونه مخالفة احتمالية ، فإن مقتضى الاستصحاب التعبد بالتكليف ووجوب العمل على طبقه بموافقة الطرف الباقي ، أو بوجه آخر يقطع أو يحتمل معه بالموافقة ، فعدم العلم بمقتضى ذلك مخالفة قطعية لمؤدى الاستصحاب ، وإن كانت مخالفة احتمالية للواقع ، ولا إشكال في عدم جواز المخالفة القطعية لدليل التعبد ، كما لا تجوز لدليل الواقع ، وإن فرض جواز المخالفة الاحتمالية لهما.
نعم ، الموافقة الاحتمالية للتكليف المستصحب في باقي الأطراف قد تستلزم الموافقة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال ، كما لو فرض بقاء طرف واحد.
وهو أجنبي عما ذكره من ابتناء العمل بالاستصحاب في المقام على وجوب الموافقة القطعية.
فهو نظير ما لو علم المكلف إجمالا بإضافة أحد الماءين وإطلاق الآخر ،