أما بناء على أن الصالح للعمل والتنجيز هو العلم بوجوبه لنفسه بنحو اللابشرط ، فحيث لم يكن ذلك معلوما كان الأقل مشمولا لأدلة الاصول ، فيكون الأصل فيه معارضا للأصل الجاري في الأكثر.
لكن ذكر بعض الأعاظم قدّس سرّه أن أدلة البراءة ـ كحديث الرفع ـ تقتضي رفع القيدية برفع منشأ انتزاعها وهو وجوب الأكثر الواجد للقيد ، فتصلح لرفع الإجمال عن الأقل ويثبت بها إطلاقه ، إذ ليس الإطلاق إلا عبارة عن عدم لحاظ القيد وعدم أخذه.
وهو لا يخلو عن غموض ، إذ بعد الاعتراف بأن القيدية لا ترتفع بنفسها ، بل بمنشإ انتزاعها ـ وهو التكليف بالأكثر ـ كيف يمكن إثبات الإطلاق ، مع وضوح أن الإطلاق عبارة عن عدم لحاظ القيد في الأقل في فرض الأمر به ، وهو أمر مباين لعدم وجوب الأكثر.
بل لو فرض تطبيق دليل البراءة بالاضافة إلى خصوص التكليف الضمني بالزيادة ـ وغض النظر عما تقدم منا ـ لم ينفع في إثبات الإطلاق أيضا ، فإن الإطلاق غير متقوم بعدم وجوب الزيادة ، بل بعدم أخذها في الواجب ، الذي هو عبارة عن عدم التقييد بها ، ولا مجال لتطبيق أدلة البراءة عليه بعد عدم كونه مجعولا بنفسه ، ولا موردا للعمل ، بل هو أمر انتزاعي لا مجال لتطبيق أدلة البراءة إلا على منشأ انتزاعه ، كما اعترف به قدّس سرّه.
ونظيره ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه في الكفاية ، فإنه بعد الاعتراف بأن الجزئية منتزعة من وجوب الأكثر ورفعها يكون برفعه ، ذكر أن نسبة حديث الرفع الناظر إلى أدلة الأجزاء نسبة الاستثناء من تلك الأدلة ، فيكون مفاد تلك الأدلة معه جزئية الجزء إلا مع الجهل ، ولازم ذلك اختصاص الأمر بالاجزاء المعلومة ، وهي الأقل.
إذ فيه : أن ذلك موقوف على تطبيق الحديث على نفس جزئية