اتجه إلحاق المقام بالمسألة المذكورة ، وقد تقدم عند الكلام في تعذر الجزء الإشارة إلى أن طروء تعذر ما يشك في جزئيته في أثناء الوقت لا يرفع وجوب الناقص ، عملا باستصحاب وجوبه على ما هو عليه من الترديد والإجمال الصالح لتنجيزه.
وإن كان الوجه في ذلك ما أشرنا إليه من احتمال كون وجود المتيقن تفصيلا في مقام العمل ـ وهو حرمة ترك المتيقن لا إلى بدل ـ مسقطا للعلم الإجمالي عن المنجزية اتجه الرجوع للبراءة إذ لا مجال لاستصحاب المتيقن في مقام العمل لعدم كونه حكما شرعيا مجعولا ، لفرض كونه متيقنا في مقام الامتثال ، لا في مقام الجعل ، فهو قبيح عقلا بملاك كونه معصية تفصيلية ، فمع فرض احتمال سقوط التكليف بسبب التعذر يتوقف وجوب المتيقن المذكور عقلا على فرض منجز للتكليف ، ولا منجز له في المقام ، لعدم جريان استصحاب التكليف المعلوم بالإجمال مع العلم بسقوط بعض أطرافه تفصيلا. على ما تقدم نظيره في التنبيه الرابع من الفصل الثالث ، كما لا يصلح العلم الإجمالي لتنجيز ، لما ذكرناه آنفا. فتأمل جيدا.
التنبيه الثاني : إذا علم بوجوب شيء وبسقوطه بفعل آخر ، وتردد ذلك الواجب بين أن يكون عدلا له ، لوجوبهما تخييرا ، وأن يكون مسقطا له مع كون وجوبه تعيينا ، كالطلاق المسقط لوجوب الإنفاق ، فمن الظاهر أنه لا أثر للشك المذكور مع القدرة على ما هو معلوم الوجوب ، للعلم بإجزائه وإجزاء الآخر عنه على كل حال ، وإنما يظهر اثره فيما لو فرض تعذره ، حيث يجب الآخر على تقدير كونه عدلا في الوجوب التخييري ، دون ما إذا كان مسقطا له ، إذ لا يجب فعل المسقط.
ومن الظاهر أن المرجع في ذلك البراءة ، لعدم المنجز لوجوب ما يشك في كونه عدلا.