العموم في حديث الرفع والسعة ، فان ذلك هو المناسب لكون القضية ارتكازية.
على أن ظاهر الحديث كون الحكم المحجوب تام الفعلية وصالحا للمحركية لو لا الحجب المقتضي لوضعه ، فلا يناسب حمله على الأحكام المسكوت عنها ، لقصوره عن مرتبة الفعلية وعدم صلوحها للمحركية في أنفسها.
وأما ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه في دفع الإشكال المذكور من شمول الحديث للأحكام الواصلة للنبي صلّى الله عليه وآله التي لم يؤمر بتبليغها ، لاستناد الحجب فيها إلى الله تعالى ، فيمكن تعميم الحكم لغيرها مما بلغ به النبي صلّى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السّلام واختفى بسبب المكلفين أنفسهم بعدم الفصل ، لاشتراكها في الفعلية.
ففيه : أن الظاهر عدم بلوغ الأحكام التي لم يؤمر النبي صلّى الله عليه وآله بتبليغها مرتبة الفعلية ، ولذا لا تتنجز لو فرض العلم بها إجمالا. ولو فرض بلوغها المرتبة المذكورة بمعنى فلا طريق لإثبات عدم الفصل بينها وبين الأحكام التي بلّغها واختفت.
كيف! ولا يظن من الأخباريين أو غيرهم الالتزام بوجوب الاحتياط مع العلم بعدم تبليغ النبي صلّى الله عليه وآله للحكم.
ومن ثمّ كان ظاهر المحدث الاسترابادي عدم وجوب الاحتياط في ما تعم به البلوى ، بحيث لو كان هناك حكم مخالف للأصل لظهر ، لأن عدم الدليل دليل العدم ، على ما حكاه عنه شيخنا الأعظم قدّس سرّه في التنبيه الأول من تنبيهات المسألة الاولى من مسائل الشبهة التحريمية ، وهو ظاهر الحر العاملي في الوسائل في تعقيب الحديث الستين من الباب الثاني عشر من أبواب صفات القاضي ، مع ظهور أن الاستدلال المذكور إنما يتم في ما فرض تبليغ النبي صلّى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السّلام له على تقدير وجوده ، لا في ما لم يؤمروا بتبليغه.