في أن الحكم الواقعي المجهول موضوع عن المكلفين ، فيدل على عدم وجوب الاحتياط الراجع إلى تنجز الحكم الواقعي المجهول ، كما تقدم.
نعم ، لو فرض تمامية أدلة الاحتياط لم يبعد الجمع بينه وبينها بحمله على الأصل الأولي ، بأن يحمل حجب العلم على حجب العلم بما يعم الوظيفة الفعلية الظاهرية ، فتكون أدلة الاحتياط واردة عليه. فتأمل جيدا.
هذا ، ومما تقدم في حديث الرفع يظهر عمومه للشبهة الحكمية والموضوعية.
وقد استشكل فيه شيخنا الأعظم قدّس سرّه بأن الظاهر مما حجب الله علمه ما لم يبينه للعباد ، لا ما بيّنه واختفى عليهم من معصية من عصى في كتمان الحق ، فهو مساوق لما عن أمير المؤمنين عليه السّلام : «إن الله حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تكلفوها ، رحمة من الله لكم فاقبلوها» (١).
وفيه : أن منشأ الظهور المذكور ..
إن كان هو نسبة الحجب إلى الله تعالى ، فيكون كناية عن عدم إيصال الحكم للرسل أو عدم أمرهم بتبليغه ، فالظاهر أنه يكفي في النسبة المذكورة استناد الفعل إليه سبحانه تكوينا بتقدير أسبابه ولو بطريق الناس ، كما هو الحال في نسبة الرزق والابتلاء إليه تعالى ، فهو نظير قولهم عليهم السّلام : «ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر».
وإن كان منشؤه نسبة الحجب للعباد الظاهر في إرادة جميعهم المستلزم لعدم تصدي الشارع الأقدس لبيانه ، فالظاهر أن العموم في «العباد» ليس مجموعيا ، بل انحلاليا راجعا إلى وضع التكليف عن كل من حجب عنه ، نظير
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ ، باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦١.