وأظهر من ذلك حال العناوين الخاصة المأخوذة في التكليف ، كالوقت ، فإنها خارجة عن الموضوع المعتبر في الاستصحاب بلا إشكال.
الثاني : ما قد يظهر من بعض الأعاظم قدّس سرّه من أن عدم التكليف الثابت في حال الصبا ليس إلا عبارة عن عدم وضع قلم التكليف على الصبي ، بمعنى كونه مرخى العنان من دون أن يكون الشارع قد أطلق عنانه ورفع قلم التكليف والحرج عنه ، بل هو كالبهائم خارج عن قابلية التكليف.
وفيه : ـ مع عدم جريانه بلحاظ حال عدم تمامية الشروط الخاصة ، كالوقت ، حيث لا إشكال في حكم الشارع في حق المكلف بعدم التكليف ، كسائر موارد الترخيص الشرعي ـ أنه إن كان المراد أن العدم المستصحب هو العدم المقارن لعدم الموضوع ، لا العدم النعتي المقارن لوجود الموضوع.
فهو ـ مع ابتنائه على عدم جريان استصحاب العدم الأزلي ـ لا مجال له بلحاظ حال التمييز قبل البلوغ ، لوضوح أن الصبي حينئذ قابل للتكليف كالبالغ ، وإنما الرفع في حقه بحكم الشارع امتنانا.
على أن عدم قابلية غير المميز أو المجنون للتكليف ليس لتقوم الموضوع المعتبر في الاستصحاب ـ الذي هو بمعنى المعروض ـ بالتمييز والعقل ، بحيث يكون عدم التكليف قبلهما من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، بل لكونهما شرطين عقليين زائدين عليه ، مع كون الموضوع هو ذات الإنسان المعروضة لهما ، ولذا يصدق على من سبق له الجنون ـ مثلا ـ أنه كان غير مكلف شرعا بنحو القضية الموجبة المعدولة المحمول ، فلا يكون استصحاب عدم التكليف في حقه من استصحاب العدم الأزلي.
وإن كان المراد أن عدم التكليف في حق الصبي والمجنون لا يرجع إلى خطابهما بعدم التكليف ، بل إلى مجرد عدم خطابهما به ، لخروجهما عن موضوعه ، ويعلم بانقلاب العدم المذكور بعد البلوغ والعقل إلى الخطاب