على عدم إرادة ظاهرها. إلا أن يفرض تعذر ذلك عليه ، للزوم محذور منه. لكنه في المقام بعيد جدا.
على أن الظاهر في المقام تقديم أدلة الاحتياط لأنها أخص ، إذ لو فرض تقديم الاستصحاب لم يبق لها مورد إلا مع تعارض الاستصحابين ، وهو إنما يكون مع العلم الإجمالي بالتكليف الإلزامي ، الذي يجب معه الاحتياط بحكم العقل ، ولا أثر للأدلة المذكورة ، بخلاف ما لو فرض تقديم أدلة الاحتياط ، فإنه يمكن الرجوع للاستصحابات الموضوعية الحاكمة ، ولاستصحاب التكليف ونحوها.
الرابع : أن الاستصحاب المذكور موجب للغوية أدلة البراءة الشرعية المتقدمة ، لجريانه في غالب مواردها أو كلها ، فيكون حاكما عليها مغنيا عنها.
ويندفع .. أولا : بأنه لو سلم عدم عموم أدلة البراءة ـ ولو من حيث شمولها للغافلة أو الجهل المركب ـ فقد يجمع بينها وبين أدلة الاستصحاب بحملها على مجرد ثبوت السعة مع الشك ولو من جهة الحالة السابقة ، لا لمحض الشك ، لتنافي الاستصحاب. ولعل هذا هو مراد بعض مشايخنا في المقام.
وثانيا : بأنه قد يكون الغرض من أدلة البراءة بيان صلوح الشك لإثبات السعة مع قطع النظر عن الحالة السابقة ، وإن كانت الحالة السابقة أيضا صالحة لذلك. ويكون التنبيه على ذلك لأنه أيسر وأقرب للذهن ، نظير ما ذكرناه في موثقة مسعدة بن صدقة في وجه التنبيه على الأصل المحكوم وإغفال الأصل الحاكم. فلاحظ.
وبالجملة : لا مخرج عن عموم أدلة الاستصحاب في المقام ، فلا بأس بالرجوع إليه.
ثم إنه قد يتمسك في المقام باستصحاب عدم جعل التكليف في عالم التشريع ، لأن الجعل المذكور أمر حادث مسبوق بالعدم بلحاظ حال ما قبل