الثانية : ذكر التناقض والتضاد في التعريفين إن كان لأجل التعميم للتضاد بلحاظ ظهور التنافي بدوا في خصوص التناقض ، لأن النقيض نفي لنقيضه ، دون الضد وضده ، فمن الظاهر أن العدم نفي الوجود دون العكس ، فلا بد أن يراد من التنافي محض التعاند ، وهو حاصل في الضدين.
وإن كان لأجل تخصيص التنافي في محل الكلام بالقسمين المذكورين دون غيرهما من أنحاء التنافي فلا وجه له.
وإرادة مطلق التعاند من التضاد ـ كما هو ظاهرهم ـ مستلزم للاكتفاء بذكر التنافي. على أن جميع أنحاء التنافي مستلزمة للتناقض بلحاظ الدلالة الالتزامية لكل من الدليلين التي هي حجة كالدلالة المطابقية.
وأما في الأصول التي هي غير حجة في لازم مؤداها فلا يكفي التضاد في تحقق التعارض ، لأن العلم بكذب أحد الأصلين لا يخرجهما عن الحجية إلا لمحذور خارج كلزوم الترخيص في المعصية ونحوه.
وبالجملة : ذكر التناقض يكفي في المقام ، بل يكفي ذكر التنافي.
الثالثة : ذكر غير واحد أن اختلاف التعريفين في نسبة التنافي ، حيث نسب للمدلول في الأول وللدلالة في الثاني ، يوجب كون وصف الدليلين بالتعارض على الثاني حقيقيا ، وعلى الأول مجازيا ، من باب وصف الشيء بحال متعلقه.
ويشكل : بأنه لا مانع من كون تنافي المدلولين منشأ لاتصاف الدليلين اصطلاحا أو عرفا بالتعارض. بل ليس هو بأبعد من كون تنافي الدلالتين علة لذلك ، مع وضوح كونهما من شئون الدليلين أيضا لا عينهما.
كما أنه ذكر غير واحد أيضا أن اختلافهما في ذلك يوجب الفرق بينهما في دخول موارد الحكومة والجمع العرفي في التعارض على الأول ، لاستقرار ظهور كل منهما في مدلوله بنحو ينافي الآخر ، وخروجها على الثاني ، لعدم