لكنه كما ترى! إذ مجرد إمكان قصد الإمام عليه السّلام من بيان الحكم نفي غيره لا يستلزم أن يكون لكلامه دلالة التزامية مقصودة ، بل لا بد في إحرازها من ثبوت تصديه لذلك وسوق كلامه لبيانه ، وهو أمر زائد على مفاد الكلام مبني على مزيد مئونة لا بد في البناء عليها من ظهور الكلام فيها بضميمة قرينة مقالية أو حالية محيطة به ، والغالب عدمه ، ولا وجه معه لإطلاق حجية المتعارضين في نفي الثالث.
كما أن عدم حجية قول الشاهدين في نفي الحكم الثالث إنما يمنع من الحجية فيه لا في نفي الثالث إذا كان موضوعا منافيا لما شهدا به ، كما لو شهدت كل من البينتين باصطياد شخص للحيوان ، وكان في يد ثالث يدعي اصطياده ، لوضوح حجية البينة في نفي اصطياد الشخص المذكور ، لأنه من الموضوعات الحسية ، وإن ترتب عليه الحكم بعدم ملكيته ، مع عدم بنائهم على حجية البينتين في مثل ذلك بعد تساقطهما في ما شهدا به ، على ما سبق ، فيتجه النقض المذكور.
الثاني : عدم الحجية مطلقا ، كما يظهر من بعض مشايخنا ، لتبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في السقوط عن الحجية.
لكن المتيقن من مساق كلامه واستدلاله ما إذا استفيد نفي الثالث من كل من الدليلين بمحض ملازمته لكل من الحكمين اللذين تكفلا بهما ، أما لو تصدى المتكلم لبيانه بكلامه ، من باب بيان اللازم بذكر الملزوم ، فلا يبعد انصراف كلامه عنه في المقام وفي حديث تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في السقوط عن الحجية.
الثالث : ما يظهر من بعض الأعاظم قدّس سرّه من أنهما إن كانا متعارضين في أنفسهما بالنظر لمدلوليهما كانا حجة في نفي الثالث ، أخذا بالمدلول الالتزامي ، بناء منه على عدم سقوطهما عن الحجية فيه ، على ما سبق الكلام فيه.
وإن كان تعارضهما لأمر خارج لم يكونا حجة في نفي الثالث فلو دل