التعارض بين الخبرين المشهورين مع ما تضمنته من أن المشهور لا ريب فيه ، فإن ذلك لو لم يختص بتعارض القطعيين فلا أقل من كونه من أظهر أفراده.
غاية الأمر أنه لا مجال لجريان المرجحات السندية فيه ، وهو غير مهم في محل الكلام.
هذا ، وأما عموم نصوص المقام وخصوصها من غير هذه الجهة فالأنسب التعرض له بعد الكلام في مفاد نصوص المقام وتعيين ما عليه المعول منها.
إذا عرفت هذا ، فالمعروف وجوب الترجيح في الجملة ، عملا بنصوصه ، ثم التخيير أو التوقف أو الاحتياط على ما يأتي الكلام فيه.
لكن ذهب السيد الصدر ـ في ما حكي عنه ـ والمحقق الخراساني قدّس سرّه إلى عموم التخيير بين الأخبار المتعارضة ، تقديما لنصوصه على نصوص التوقف والاحتياط ، وتحكيما لعمومه على نصوص الترجيح التي هي أخص ، مع حمل نصوص الترجيح على الاستحباب أو تمييز الحجة عن اللاحجة ، لا الترجيح بين الحجتين الذي هو محل الكلام.
والنظر في ذلك يستدعي الكلام في ثلاثة فصول ، يتضمن الأول منها البحث في الترجيح دليلا وموردا ، لتقدمه طبعا ، ويتضمن الثاني البحث في حكم صورة عدمه ، إما لعدم ثبوته أو لعدم تحقق المرجحات المعتبرة ، وهو المراد بالتعادل في كلماتهم ، ويتضمن الثالث البحث في مسائل تتعلق بمفاد الأدلة الخاصة الواردة في علاج التعارض لا يستغنى عنها. ونسأله سبحانه العون على ذلك والتسديد فيه.