إطلاقات التخيير عن الحجية ، للعلم بوجوب الترجيح إجمالا وعدم وفاء المرجحات المنصوصة بالمقدار المعلوم بالإجمال فيتعين الاكتفاء بالظن بالترجيح.
فهو كما ترى! إذ لو سلم العلم بوجوب الترجيح إجمالا فالمرجحات المنصوصة وافية بالمعلوم بالإجمال ، ولا يعلم بوجود غيرها ، لتسقط إطلاقات التخيير عن الحجية.
ولو سلم ما ذكره لزم الاقتصار في التخيير على المتيقن ووجب الترجيح بمجرد احتماله للعلم بحجية محتمل الرجحان والشك في حجية محتمل المرجوحية ، ولا وجه للاكتفاء بالترجيح.
وقد أطال قدّس سرّه في النقض والإبرام بما لا مجال لمتابعته فيه ، بل نكتفي بما علقناه على كلامه. ولا مخرج عما ذكرنا من لزوم الاقتصار في الترجيح على المتيقن من دون فرق بين القول بالتساقط والتخيير.
إذا عرفت هذا ، فالمعروف من جماعة من الأصحاب التعدي عن المرجحات المنصوصة لكل مزية ، بل نسب شيخنا الأعظم قدّس سرّه إلى جمهور المجتهدين عدم الاقتصار على المرجحات الخاصة ، وقد أشار في آخر تنبيهات الانسداد لبعض الكلمات الشاهدة منهم بذلك ، بل نسب لبعض مشايخه استظهار الاتفاق على الترجيح بكل ظن ، كما قال في مبحث الترجيح : «ادعى بعضهم ظهور الإجماع وعدم ظهور الخلاف على وجوب العمل بالراجح من الدليلين بعد أن حكى الإجماع عليه عن جماعة».
وربما يستدل بذلك في المقام ، فقد ذكر شيخنا الأعظم قدّس سرّه في آخر تنبيهات الانسداد : أن تتبع كلماتهم يوجب الظن القوي بل القطع بأن بناءهم على الأخذ بكل مزية ، بنحو يظهر منه قول التعويل على ذلك من جهة الإجماع.
لكن لا مجال لدعوى الإجماع بعد ظهور كلام الكليني المتقدم في