خصوصية في الأخبار مانعة منه.
إذا عرفت هذا ، فأكثر النصوص الخاصة قد اشتمل على عنوان الاختلاف بين الأخبار ، والظاهر صدقه بمجرد الاختلاف في مقام البيان والدلالة.
إلا أن ورودها مورد التحير في الوظيفة ـ كما يناسبه حال السائل في أكثرها ـ موجب لانصرافها عن موارد الجمع العرفي ، لعدم التحير فيه بحسب الطبع الأولى ، والاحتياج للسؤال فيها يتوقف على المفروغية مسبقا عن ردع الشارع عن الجمع العرفي ، ولا إشعار في النصوص المذكورة بالمفروغية عن ذلك. ومن ثمّ كانت منصرفة إلى ما يتوقف العرف معه عن العمل بطبعهم لعدم وضوح وجه الجمع فيه لهم.
وأولى بالاختصاص بذلك مرفوعة زرارة المتضمنة لعنوان التعارض ، لما سبق في تعريفه من أن المناسبة المصححة لإطلاقه كون كل من المتعارضين مانعا من العمل بالآخر.
وكذا ما استفيد منه فرض التعارض من دون تصريح بلفظه ـ كمرسل الحارث بن المغيرة المتقدم في نصوص التخيير ـ لأن المتيقن منه إرادة ذلك.
ولعل هذا هو الوجه في سيرة الأصحاب (رضوان الله عليهم) في مقام الاستدلال على متابعة الجمع العرفي ، كما يظهر بأدنى نظر في كلماتهم في أبواب الفقه. بل الظاهر الإجماع منهم في الفقه والأصول على بعض أنحاء الجمع العرفي ، كحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد ونحوهما.
كما لا يظهر منهم الفرق في الجمع العرفي بين الأخبار التي هي موضوع نصوص التعارض ، وبين غيرها ، كالبيانين الكتابيين ، أو البيان الكتابي والخبر. وما ذلك إلا لعدم استظهارهم من نصوص التعارض الردع عن الجمع العرفي بين الأخبار ، بل يجري فيها كما يجري في غيرها مما لم تتعرض له نصوص التعارض.