وليس الأمر بمهم بعد عدم الأثر لتحديد مفهوم الاجتهاد ، لعدم أخذ عنوانه في الأدلة الشرعية موضوعا لشيء من الأحكام ، وإنما هو محض اصطلاح لا مشاحة فيه.
غاية الأمر أن المناسب مطابقته لموضوع الغرض.
وحيث لا يفرق في وظيفة المجتهد ـ التي يترتب عليها عمله وعمل غيره ، والتي هي موضوع البحوث الآتية ـ بين تشخيص الحكم الواقعي وتشخيص الوظيفة الظاهرية شرعية كانت أو عقلية ، كان المناسب تعميمه لمطلق تشخيص الوظيفة العملية الفعلية في الشبهة الحكمية ، إما بتشخيص الحكم الشرعي الواقعي أو الظاهري ، اعتمادا على الحجج ولو كانت ظنية أو على الأصول أو بتشخيص الوظيفة العقلية.
ومن هنا لا مجال لذكر استفراغ الوسع في تعريفه ، لما فيه من الاشعار بكون موضوعه ذا واقع محفوظ قد لا يصل إليه الوسع ، وهو إنما يتجه بالإضافة إلى الأحكام الواقعية ، وأما الوظيفة الفعلية التي يترتب عليها العمل فلا يتصور فيها ذلك ، لقطع المجتهد بها.
ثم إن تشخيص الوظيفة المذكورة حيث كان موقوفا على الفراغ من مقدمات كثيرة ، كالمسائل الاصولية واللغوية ، وعلى أنس الذهن بالظهورات الشرعية والعرفية ، كان مسبوقا بملكة مكتسبة نتيجة لذلك.
ومن هنا قد يجعل الاجتهاد نفس الملكة المذكورة كما تقدم عن البهائي ، وقد يجعل نفس الاستنباط والتشخيص للوظيفة ، كما يظهر من بعض الأعيان المحققين ـ في كلامه السابق ـ وغيره.
وحيث كان كل منهما موردا للأثر من بعض الجهات ، كان الأنسب تعريفه بالملكة ، ليطابق موضوع الغرض.
ودعوى : عدم صدقه على ذي الملكة من دون أن يمارس عملية