فداك إنه يعتريني قراقر في بطني وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق. فقال : ما يمنعك من شربه؟ فقالت : قد قلدتك ديني ، فألقى الله عزّ وجل حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد عليهما السّلام أمرني ونهاني. فقال : يا أبا محمد ألا تسمع إلى هذه المرأة وهذه المسائل. لا والله لا آذن لك في قطرة منه ...» (١) وغيرهما.
لكن الظاهر أن الجهة المذكورة وإن كانت هي المنشأ في إطلاق التقليد على ذلك ، إلا أن الاستعمال بعد ذلك قد جرد عنه ولحظ فيه محض التابعة والمحاكاة مع قطع النظر عنها ، ولذا صح إطلاقه في ما لا مسئولية فيه من الأعمال ، وعدّي ب «في» فيقال : قلّده في عمله ، لا : قلّده عمله.
وعليه جرى ظاهرا استعمال التقليد في غير واحد من الروايات ، كخبر البزنطي : «قلت للرضا عليه السّلام : إن بعض أصحابنا يقولون : نسمع الأمر يحكى عنك وعن آبائك فنقيس عليه ونعمل به. فقال : سبحان الله ما هذا من دين جعفر ... فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا وأبا جعفر عليهما السّلام قال جعفر : لا تحملوا على القياس ...» (٢) وخبر محمد بن عبيدة قال : «قال لي أبو الحسن عليه السّلام : يا محمد أنتم أشد تقليدا أم المرجئة؟ قال : قلت : قلدنا وقلدوا ... فقال أبو الحسن عليه السّلام : إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه ، وإنكم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه ، فهم أشد منكم تقليدا» (٣) وغيرهما.
ولا يبعد جريان اصطلاحهم على ذلك في التقليد وعدم خروجهم عنه لمعنى آخر ، فإنهم وإن عرفوه ..
تارة : بالعمل بقول الغير.
واخرى : بالأخذ به.
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب الاشربة المحرمة حديث : ٢ مع ملحقه في الهامش.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي حديث : ١.
(٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢.