المفتي ، لا مطلق شربه المنطبق على ما بعد وفاته ، ليمكن استصحاب حرمته بعدها.
مدفوعة : بأن الحكم الظاهري لما كان هو المماثل لمؤدى الحجة كان تابعا له في إطلاق الموضوع وتقييده ، وحيث لم يؤخذ في موضوع الحكم الواقعي حياة المفتي لم يكن موضوع الحكم الظاهري مقيدا بها.
واحتمال ارتفاعه بعد موت المفتي ليس لارتفاع موضوعه ، بل لانتهاء أمده لإناطة جعله بحياته ، ومثله لا يمنع من الاستصحاب.
فالعمدة ما سبق من توقفه أولا على جعل الحكم الظاهري ، الذي سبق المنع منه ، وثانيا على فعلية الحكم ، حيث يترتب على ذلك عدم جريانه في حق فاقد شرائط التكليف حال حياة المفتي ، كالصبي والمجنون ، فضلا عن المعدوم.
وأما استصحاب الحجية فلا مانع منه ذاتا ، لأن الحجية من الأحكام المجعولة بمقتضى الارتكازيات العقلائية المطابقة لظاهر النصوص ، كقوله عليه السّلام : «فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (١).
نعم ، قد يستشكل في استصحاب الحجية بوجهين ..
أولهما : ما ذكره المحقق الخراساني من عدم بقاء الموضوع ، لأن موضوع الحجية هو الرأي ، ولا رأي للميت عرفا ، وإن فرض بقاؤه له حقيقة.
وفيه : أن موضوع الحجية المستصحبة هو الرأي بحدوثه لا ببقائه ، كما يظهر مما تقدم في أول الكلام في المسألة.
ومنه يظهر الإشكال في ما ذكره بعض المحققين قدّس سرّه من أنه بناء على أن الحجة على المكلف قطع المجتهد بالحكم الظاهري لا مجال للاستصحاب ، للعلم بانكشاف الواقع له نفيا وإثباتا ، ولا موضوع معه للحكم الظاهري ، ليتحقق له القطع به ، الذي هو موضوع الحجية في حق العامي.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٩.