التقليد والنظر في أقوال المجتهدين إلا تنجز احتمال التكليف في مورده بالعلم الإجمالي الكبير بوجود تكاليف شرعية مسبب عن العلم بوجود الشريعة ، وبما دل على وجوب تعلم الأحكام ، بنحو يمنع من الرجوع قبل الفحص عن الرجوع للأصول الترخيصية.
والظاهر انحلال العلم الإجمالي الكبير بموارد الأصول الإلزامية في مورد الاختلاف ، وموارد اتفاق المجتهدين على ثبوت التكليف ، لوفائها بالمقدار المعلوم بالإجمال ، فلا يصلح العلم المذكور للتنجيز في غيرها.
كما أن ما دل على وجوب تعلم الأحكام إنما ينجز احتمال التكليف قبل الفحص والسؤال ، أما بعد الفحص عن التكليف وعدم العثور على حجة عليه ، لفرض سقوط الفتوى به بالمعارضة ، فلا يصلح للمنجزية ، نظير المجتهد ، حيث يجوز له الرجوع للأصول الترخيصية بعد الفحص عن الأدلة وظهور تعارضها في حقه ، وإن لم يجز له الرجوع قبل الفحص.
وبالجملة : لا مجال لإطلاق الفتوى بوجوب الاحتياط على العامي في فرض تساقط فتاوى المجتهدين في حقه ، بل يتعين التفصيل له بين الموارد على حسب ما ذكرناه.
نعم ، لو عجز عن تشخيص الموارد المذكورة وتعذر عليه التمييز بينها ، فحيث كان ذلك ناشئا من جهله بالحكم الظاهري للشبهة الحكمية لا الموضوعية لزمه الرجوع للمجتهدين في تعيينه ، وبدونه يلزمه الاحتياط بمتابعة أحوط القولين.
والإنصاف أن التمييز بين الموردين يعسر على العامي غالبا ، بل يتعذر خصوصا مع اختلاف المجتهدين في تحديد كبريات الأصول.
كما أن الاحتياط عسر عليه غالبا ، فإن تعلم مسائل الخلاف وكيفية الاحتياط والترجيح بين جهاته عند التزاحم مما لا يتهيأ لعامة الناس ، ولا سيما