مع كثرة المجتهدين.
وخصوصا مع أن البناء على التساقط مع التساوي للأصل يقتضي البناء عليه مع احتماله ، لعدم إحراز المرجح ، كما يقتضي البناء عليه مع العلم بالتفاضل وعدم تعيين الأفضل ، ومع ما يأتي إن شاء الله تعالى من اختصاص مورد السيرة على ترجيح الأعلم بما إذا كان التفاضل بوجه معتد به. فإن ملاحظة جميع ذلك توضح كثرة موارد الاحتياط ولزوم الحرج منه.
وحينئذ يكون مقتضى قاعدة نفي الحرج عدم لزومه واكتفاء الشارع بالموافقة الاحتمالية ، بناء على ما سبق في تنبيهات البراءة من إمكان اكتفائه بها.
ولازم ذلك متابعة أحد المجتهدين تخييرا لتحقق مقتضي الحجية فيه ، ولأنه المتيقن من صور الموافقة الاحتمالية.
بل الالتفات لجميع ما ذكرنا ولكثرة اختلاف العلماء بالوجه المذكور في جميع العصور وغلبة عدم سهولة تشخيص الأعلم يوجب الاطمئنان بعدم تشريع التقليد بالوجه المقتضي للتساقط غالبا ، ويكشف عن تسامح الشارع في ذلك باكتفائه في جواز التقليد بالعلم والاقتصار في لزوم الترجيح بالأعلمية على صورة وجودها وتيسر تشخيص الأعلم ، كما هو مفاد الإجماع المدعى.
وبعبارة اخرى : الالتفات للاختلاف بين المجتهدين في العصور السابقة وإن كان نادرا ، لعدم تحرير الفتاوى ، ولذا منعنا من السيرة على التخيير ، إلا أنه لما كان كثيرا في نفسه ، خصوصا في عصور الأئمة عليهم السّلام بسبب الابتلاء بما يوجب خفاء الواقع ، فلو كان مبنى تشريع التقليد على التساقط بالتعارض لزم عدم وفاء تشريع التقليد واقعا بمقدار الحاجة في مقام العمل ، وإن تخيل وفاؤه به بسبب الاختلاف.
فالإنصاف أن الإجماع في المقام بعد الالتفات إلى لزوم الحرج نوعا من مخالفته بل الهرج والمرج يشرف بالمتأمل على القطع بالتخيير ، وأن التضييق