بايجاب الاحتياط بعيد عن سليقة الشارع الأقدس.
وإن كان ينبغي الاقتصار على لزوم الحرج الفعلي بالوجه المعتد به ، لأنه المتيقن. والله سبحانه ولي التوفيق.
المقام الثاني : في صورة التفاضل ، ولا ريب في جواز الرجوع للأعلم ، وإنما الإشكال في تعيينه أو التخيير بينه وبين المفضول.
فقد صرح غير واحد من الأعاظم بلزوم الرجوع للأعلم ، وفي التقريرات أنه المعروف بين أصحابنا ، وعن النهاية أنه قول من وصل إلينا كلامه من الاصوليين ، وفي المعالم : أن تعيين الأرجح في العلم والعدالة هو قول من وصل إلينا كلامهم من الأصحاب ، وعن المحقق الثاني دعوى الإجماع عليه ، وقد يستظهر من كلام البهائي ، وعن ظاهر السيد في الذريعة أنه من مسلمات الشيعة.
ومع ذلك فقد ذكر السيد في الذريعة أن بعضهم ذهب إلى التخيير ، ولعل مراده بهم بعض العامة ، وفي التقريرات : أنه حدث لجماعة ممن تأخر عن الشهيد الثاني قول بالتخيير بين الأعلم وغيره. ثم قال : «وصار إليه جملة من متأخري أصحابنا حتى صار في هذا الزمان قولا معتدا به» ، وهو الذي أصر عليه في كتاب القضاء من الجواهر ، وجعله في الفصول أوضح ، واختاره بعض المحققين.
هذا ، وحيث سبق قصور إطلاقات الحجية عن شمول المتعارضين معا ، وكان الحمل على التخيير مع التساوي لأجل الإجماع ونحوه ، فلا يبعد حملها مع التفاضل على حجية خصوص الأعلم ، بقرينة ورودها مورد الإمضاء لسيرة العقلاء والمفروغية عنها ، وحيث لا إشكال عندهم في تعيين الأعلم عند الاختلاف ، لصلوح قوله للقرينية على خطأ المفضول وخروجه عن موضوع الحجية ، لزم تنزيل الإطلاقات عليه.
ولو غض النظر عن ذلك أمكن الرجوع إليه بمقتضى السيرة العقلائية التي