بل قال سيدنا الأعظم قدّس سرّه في عرض استدلالهم بها : «بل حمل مثل آيتي النفر والسؤال على صورة تساوي النافرين والمسئولين في الفضيلة حمل على فرد نادر».
وجه الإشكال : أن الاستدلال بها موقوف على شمولها لصورة الاختلاف ، ليتعين حملها على الحجية التخييرية ، كي يكون مقتضى الإطلاق ثبوتها مع التفاضل ، خصوصا مع فرض ندرة التساوي ، وقد عرفت عدم نهوضها بإثبات الحجية للمتعارضين ، لظهورها في الحجية التعيينية الممتنعة فيهما.
نعم ، لو فرض مع ذلك ندرة الاتفاق في الفتوى كان حمل الإطلاقات على خصوص الحجية التعيينية حملا على الفرد النادر ، إذ لا تصح إلا مع الاتفاق في الفتوى النادرة فرضا ، أو لخصوص فتوى الأعلم مع الاختلاف ، وهو نادر أيضا بالإضافة لبقية أفراد العناوين المأخوذة في الأدلة.
فيتعين لأجل ذلك حملها على الحجية التخييرية ، لتكون دليلا على التخيير مع التفاضل أيضا ، ولا سيما بعد فرض ندرة التساوي.
لكن من الظاهر عدم ندرة الاتفاق في الفتوى ، بل كثرته ، خصوصا في عصر صدور الآيتين ، لمعاصرة العلماء لمصدر التشريع وسهولة مقدمات الاستنباط ، وعدم ابتنائه على مقدمات حسية خفية يكثر الاختلاف فيها ، فلا مانع من حمل الإطلاقات على الحجية التعيينية ، إذ لا محذور في إخراج فتوى غير الأعلم مع مخالفتها لفتوى الأعلم من الإطلاقات رأسا ، وكذا فتاوى المتساوين في الفضيلة مع اختلافهم بالبناء فيها على الحجية التخييرية أو التساقط ، على ما سبق الكلام فيه.
وما سبق من كثرة الاختلاف بنحو يلزم من التساقط والاحتياط العسر والحرج ، بل اختلال النظام إنما يكشف عن تشريع التقليد بنحو يقتضي التخيير مع عدم المرجح ثبوتا أو إثباتا ، لا عن حمل الإطلاقات على الحجية التخييرية ،