وعن الثاني : بأن الأعلمية من المرجحات المنضبطة التي يمكن رجوع العامي لها ، بخلاف المرجحات المذكورة ، فإنها مرجحات خارجية لا مجال لرجوع العامي لها بالإجماع والضرورة ، لعدم انضباطها.
وكلاهما كما ترى! للإشكال في الأول : بأن اعتبار الأمارة من باب الطريقية لا يستلزم كون الأقربية بنظر المكلف أو العقلاء علة تامة يدور الحكم مدارها وجودا وعدما ، بل كما يمكن أخذ قيود تعبدية ، كالحياة ، يمكن إهمال ما يقتضي الأقربية بنظرهم من دون أن يستلزم كون اعتبار الأمارة من باب الموضوعية ، الراجعة إلى كون مؤداها في قبال الواقع ، كون حجيتها بنحو الصفتية التي لم ينظر فيها الكشف أصلا.
وفي الثاني : بأن المدار في عموم الترجيح وخصوصه على حال دليله ، ولا يظهر الفرق بين المرجحات الداخلية والخارجية ، ولا بين الانضباط وعدمه في حكم العقل المدعى ، ولا مسرح معه للإجماع والضرورة الفقهية ، إلا أن يكشفا عن بطلان دعوى حكم العقل.
هذا ، وقد يستدل ببعض النصوص ، إلا أنه لا مجال لإطالة الكلام فيها بعد ضعف سندها ، وقصور دلالتها.
ولنكتف بما ذكرناه حولها في مباحث التقليد في الفقه.
وقد تحصل من جميع ما تقدم : أن عمدة الدليل على تعيين الأعلم سيرة العقلاء الارتكازية التي يكفي عدم ثبوت الردع عنها ، بل يمكن استفادة إمضائها من الإطلاقات بعد تنزيلها عليها. على أنه مقتضى الأصل الذي يلزم التعويل عليه غالبا ، على ما سبق توضيحه.
هذا ، ومما تقدم يظهر الإشكال في الاستدلال على التخيير بين الأعلم وغيره بالإطلاقات ، فقد وقع الاستدلال في كلامهم بإطلاقات أدلة التقليد كتابا وسنة.