فيكون المقام من موارد اشتباه الحجة باللاحجة ، الذي يلزم معه الاحتياط بمتابعة جميعها فيما لو كان لكل من الأطراف فتاوى مطابقة للاحتياط يمتاز بها عن الباقين ، للعلم الإجمالي بقيام الحجة على بعض ما يطابق الاحتياط من موارد الاختلاف.
نعم ، لو انفرد بعضهم ببعض الفتاوى المطابقة للاحتياط دون غيره ، بحيث كان بين فتاواه الاحتياطية وفتاواهم الاحتياطية عموم مطلق اتجه عدم وجوب متابعته فيها لو كانت مخالفة للأصل ، لعدم صلوحه لتنجيزها ـ لفرض عدم ثبوت حجيته ـ وعدم كونها طرفا للعلم الإجمالي ، بل يجوز الرجوع في مواردها للأصول الترخيصية لو أدركها العامي.
ولعله لذا توقف سيدنا الأعظم قدّس سرّه في منهاجه عن البناء على التخيير عند تعذر تعيين معلوم الأعلمية أو محتملها مع بنائه على التخيير مع التساوي.
لكن توقفه عن التخيير مبني على عدم استيضاح عموم دليله ، وهو الإجماع على جواز التقليد للعامي وعدم تكليفه بالاحتياط.
وهو خلاف ظاهر معقده في كلماتهم ، بل خلاف ما صرح قدّس سرّه به في مستمسكه في المسألة الواحدة والعشرين ، والثامنة والثلاثين من مباحث التقليد.
بل قال في المسألة الثامنة والثلاثين : «ولا تبعد دعوى السيرة أيضا على ذلك ، لندرة تساوى المجتهدين وغلبة حصول التفاوت بينهم ولو يسيرا ، وشيوع الجهل بالأفضل ، وفقد أهل الخبرة في أكثر البلاد. وكون بنائهم على الاحتياط في مثل ذلك بعيد جدا».
وأنكر ذلك بعض مشايخنا مدعيا أن المورد من الموارد النادرة التي لا يمكن تحصيل السيرة فيها ، لغلبة التمكن من تعيين الأعلم ولو بالامارات الشرعية ، كما عليه عمل الناس في عصرنا وما سبقه من الأعصار.
لكن الانصاف صعوبة الاطلاع على الأعلمية بوجه معتبر شرعا ، خصوصا