اللاحقة لها ، فيتم موضوع كل منهما ، لفرض تحقق قيده بسبب سقوط كل منهما عن الفعلية في المرتبة السابقة عليها ، فلا يكون رافعا لموضوع الآخر ، ومع تمامية موضوعيهما يتم ملاكاهما ، ويتعين إجراء أحكام التزاحم عليهما.
قلت : بعد بطلان المقتضيين وامتناع تأثيرهما في المرتبة اللاحقة لحدوثهما لعدم تمامية موضوعيهما فلا مجال للبناء على فعلية أثريهما في المرتبة الثالثة ، لظهور أدلتهما في اتصال أثريهما بهما ، لا انفصالهما عنهما ، بل هو محتاج لدليل خاص ، نظير العقد الفضولي الذي يكون أثره فعليا بالإجازة المنفصلة عنه.
على أن تحقق قيد كل منهما في المرتبة المذكورة ـ نظير تحققه في المرتبة السابقة على حدوث عنوانيهما ومقتضاهما ـ لا ينفع في تمامية موضوعيهما بنحو يترتب عليه فعلية الغرض مع التوارد بينهما في جميع الموارد ، لأن تمامية موضوعيهما في كل مرتبة تستلزم ارتفاعهما في المرتبة اللاحقة لها ، فلا يصلح كل منهما لأن يكون موضوعا للغرض الفعلي الصالح للداعوية ، ليكون من صغريات التزاحم.
هذا ، وقد تكرر من سيدنا الأعظم قدّس سرّه في مستمسكه الترجيح بالسبق الزماني ، مدعيا أنه مقتضى الجمع العرفي قال : «تنزيلا للعلل الشرعية منزلة العلل العقلية ، فكما أن العلل العقلية يكون السابق منها رافعا للاحق ، كذلك العلل الشرعية ، فيلغى احتمال كون اللاحق رافعا لموضوع السابق ، وإن كان احتمالا معقولا في العلل الشرعية ، لكنه لا يعتنى به في مقام الجمع بين الدليلين» (١).
أقول : احتمال كون اللاحق رافعا لموضوع السابق وإن كان معقولا ـ كما ذكره قدّس سرّه ـ إلا أنه مخالف لفرض التوارد بين الحكمين وتوقف تمامية موضوع
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ، كتاب الحج ، المسألة الثانية والثلاثون من فصل شرائط وجوب حجة الاسلام ، ج : ١٠ ص : ١١٩ ، الطبعة الثالثة.