ويرث من آل يعقوب النبوة» (١).
وربما يخطر في البال احتمال أن يكون المراد ـ في وجدان زكريا ـ أن يرثه في المال وفي خصائصه الأخرى التي يمنحه الله إياها ، فكأنه يقول هب لي ولدا يمثل الامتداد لي في خصوصياتي المالية التي تنتقل إليه بفعل النسب ، وفي خصوصياتي النبوية أو العلمية التي تتفضل بها عليه كما تفضلت بها عليّ. ولعلّ استجابة الله لزكريا بولادة يحيى كانت تحقيقا لرغبته في الولد الذي يرثه ذاتيا ويرث النبوة ، حيث كانت النبوة إرثا في الشكل مع كونها ـ في الواقع ـ تفضلا من الله. والله العالم.
ولا بد من الإشارة إلى الحديث الذي رواه الكليني في الكافي عن أبي البختري عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام أنه قال : «إن العلماء ورثة الأنبياء ، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافرا» (٢).
لقد استدل البعض بهذا الحديث على تأكيد ما ذكره أبو بكر في روايته عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة.
ويمكن لنا أن نناقش الأمر بأن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، لم يرد أن ينفي شرعية توريث الأنبياء المال الذي كانوا يملكونه ، بل إنه كان في مقام الحديث عن أن الرصيد الأساس الذي يتركه الأنبياء لمن بعدهم هو الأحاديث الرسالية المتضمنة لكل مفردات الرسالة ، لأن قضية جمع المال لم
__________________
(١) السيوطي ، جلال الدين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ـ بيروت ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج : ٥ ، ص : ٤٨٠.
(٢) الكافي ، ج : ١ ، ص : ٣٢ ، رواية : ٢.