( ومنها ) ما إذا دار الامر بين التخصيص والنسخ ( حيث قيل ) بتقديم التخصيص على النسخ ، لكثرة الأول وشيوعه ، وقلة الثاني وندرته ( وقيل ) بتقديم الثاني ( وقبل الخوض ) في تنقيح المرام ينبغي التعرض لبيان الشقوق المتصورة للعام والخاص المتخالفين ناسخا ومخصصا ومنسوخا ( فنقول ) إذا ورد عام وخاص متخالفان ( فاما ) ان يكونا متقارنين ، واما ان يكونا متعاقبين ( وعلى الثاني ) فالمتقدم منهما ، اما ان يكون هو العام ، واما ان يكون هو الخاص ( وعلى التقديرين ) فالخاص أو العام المتأخر ( اما ) ان يكون وروده قبل وقت العمل بالمتقدم ( واما ) يكون وروده بعد وقت العمل به ( والظاهر ) ان في جميع هذه الفروض يتأنى الدوران المزبور بين النسخ والتخصيص ( فان في فرض ) تأخر العام عن الخاص كما يحتمل كون الخاص المتقدم مخصصا للعام المتأخر ( كذلك ) يحتمل كونه منسوخا بالعام ( كما أن ) في فرض تأخر الخاص عن العام يتصور احتمال المخصصية والناسخية للخاص المتأخر ( من غير فرق ) بين ان يكون ورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام أو بعده ( وهكذا ) في فرض ورودهما متقارنين ، حيث يتصور احتمال المخصصية والناسخية بل المنسوخية للخاص.
( ولكن ) الذي يظهر من جماعة هو التفصيل بين الشقوق المذكورة للعام والخاص من حيث الناسخية تارة والمخصصية ، أخرى ، والقابلية للامرين ثالثة ( حيث ) انهم اعتبروا ( في التخصيص ) ورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام لا بعده معللين ذلك بقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ( وفي النسخ ) وروده بعد وقت العمل بالعام ( لان ) النسخ رفع للحكم الثابت الفعلي من جميع الجهات ، فلا يكفي فيه مجرد فرضية الحكم ولو بفرض موضوعه ما لم يصل إلى مرحلة الفعلية ، فقبل وقت العمل بالعام لا يكون الحكم الا فرضيا ( فعلى هذا الضابط ) يكون الخاص المقارن للعام والخاص الوارد بعد العام قبل وقت العمل به مخصصا محضا لا ناسخا ، لعدم حكم فعلى حينئذ للعام كي يقبل النسخ ( وكذا ) في العام الوارد بعد الخاص قبل وقت العمل به ( حيث ) يكون الخاص في هذه الفروض الثلاثة