لا بأس بدعوى شمول الحكم للوظائف المعلومة له ، لأنها ناشئة من قبل حكمهم ، فيصدق بهذه العناية انه عارف بأحكامهم ، وكيف كان فهذا كله في الاجتهاد المطلق.
( واما التجزي في الاجتهاد فيقع الكلام فيه من جهات )
( الأولى ) في أصل امكانه ( فنقول ) قد يقال بعدم امكانه لدعوى بساطة الملكة وعدم قابليتها للتجزية ( وان ) الاقتدار على استنباط بعض الأحكام الشرعية ملازم مع الاقتدار على استنباط الجميع ( ولكنه ) كما ترى مما يكذبه الوجدان لما هو المشاهد بالعيان من حصوله لكثير من أفاضل الطلاب ( لوضوح ) ان مسائل الفقه ليست على نهج واحد ( بل تختلف ) وضوحا وغموضا من حيث المدرك عقلا ونقلا ( وكذلك ) الأشخاص يختلف من حيث طول الباع وقصوره ( فرب شخص لمهارته ) في المبادئ العقلية أو النقلية يكون له من القوة ما يقتدر به على استنباط طائفة من المسائل المرتبطة بتلك المبادئ دون غيرها من المسائل الأخرى ( ورب ) شخص آخر بعكس ذلك ( فان ) معرفة كل علم من العلوم النظرية انما توجب القدرة على استنباط طائفة من الاحكام المناسبة لتلك المبادئ دون غيرها ( وحينئذ ) فلا يلزم من الاقتدار التام على استنباط بعض المسائل الشرعية اما لسهولة مدركه أو مهارة الشخص في مباديه ، الاقتدار على استنباط الجميع ( وبساطة ) الملكة وعدم قابليتها للتجزية لا تنافي ذلك بعد كونها ذات مراتب مختلفة شدة وضعفا واختلاف المسائل وضوحا وغموضا من حيث المدرك والمبادئ ( مع أنه ) لا اثر لهذا الخلاف ( إذ لم يقع ) عنوان الاجتهاد موضوعا لاثر من الآثار في آية ولا رواية ( وانما ) الآثار المهمة من نحو جواز عمله بفتويه ، ورجوع الغير إليه ، وجواز تصديه للقضاء وفصل الخصومات ، مترتبة على عنوان الفقيه والعارف بالأحكام ( وترتب ) هذه الآثار تابع شمول أدلة كل باب لمثله وعدمه ، قلنا بامكان التجزي أم لم نقل به ( وعليه ) فترك التعرض له أولى من إطالة البحث فيه بالنقض والابرام.
( الجهة الثانية ) هل للمتصف بهذه المرتبة من الاجتهاد التعويل على نظره