( وما قيل ) من أن اخبار التخيير لورودها في مقام البيان والحاجة آبية عن هذا التقييد ، فلا بد من حمل تلك الأخبار على استحباب الترجيح ( مدفوع ) بان مجرد ورود مطلقات التخيير في مقام البيان والحاجة لا يمنع عن تقييدها بها ( مع أن ) حمل تلك الأوامر الدالة على الترجيح بهما على الاستحباب أيضا مما يأبى عنه نفس هذه الأخبار والتعليل الوارد فيها بان الرشد في خلافهم ( ولا ينافي ) ذلك ما في بعض تلك الأخبار من الاقتصار على العرض على الكتاب ، وفي بعضها الأخرى الاقتصار على العرص على الاخبار العامة ( لان ) غاية ذلك هو كونهما مطلقين ، فيقيدان بما في المقبولة وخبر الراوندي المشتملين على الترجيح بهما ( فلا يكون ) ذلك شاهدا على استحباب الترجيح بهما ( كما لا ينافيه ) أيضا ما في بعض الأخبار الواردة في طرح المخالف للكتاب ، من أنه زخرف ، أو باطل ، أو فاضربه على الجدار مما ظاهره نفى أصل صدور الخبر ولو بلا معارض ، لا نفي حجية ( فان ) ظهور هذه الطائفة في ورودها في نفي صدور الخبر المخالف رأسا ولو بلا معارض وتمييز الحجة عن لا حجة ، لا ينافي ظهور غيرها مما اقترن بالمخالف للعامة في كونه في مقام الترجيح عند المعارضة ( وحينئذ ) فيحمل الطائفة الأولى على صورة كون مخالفة الخبر للكتاب على نجو التباين الكلي ، والطائفة الثانية على التباين بنحو العموم من وجه ، كما سنذكره الله تعالى.
( واما عدم ) وجوب الترجيح بغيرهما ، فلعدم دليل صالح يقتضى تقييد مطلقات التخيير ( فان المستند ) لذلك لا يكون الا المقبولة والمرفوعة ، وهما غير صالحين لاثبات الترجيح بالصفات وبالشهرة والشذوذ في مقابل اطلاقات التخيير ( اما المقبولة ) فهي وان كانت مقبولة عند الأصحاب ، ولا مجال للخدشة في سندها ( ولكنها ) بصدرها المشتمل على الترجيح بالصفات من الأعدلية وتالييها مختصة بترجيح الحكمين ، نظير روايتي داود بن الحصين والنميري ، ولا ترتبط بمقام ترجيح الروايتين وان كان الحاكمين في الصدر الأول راويين للاخبار أيضا ( لان ) ترجيح أحدهما من حيث الحكومة غير مرتبط بترجيحه من حيث الراوية ( واما ) بذيلها