الرجوع إلى ما يستقل به العقل من البراءة أو الاحتياط ( كذلك ) في المقام ، فقبل ورود البيان على التخصيص يكون المكلف محكوما بالحكم الظاهري بالعمل على طبق العالم إلى مجيء البيان على المراد الواقعي بلا ورود محذور قبح في البين ( والمراد ) من الحكم الظاهري انما يكون هو الحكم المستفاد من أصالة الظهور عند الشك في مطابقة ظهور العام للواقع ، لا ما تضمنته العمومات ( فان ) مفاد العمومات ليس الا الحكم الواقعي ، فما في تقرير بعض الأعاظم من جعل الحكم الظاهري عبارة عن مفاد العمومات مبنى على المسامحة أو طغيان القلم ، والا فبطلانه واضح ( وبما ذكرنا ) ظهر ان مخصصية الخاص للعام لا يتعين بوروده قبل وقت العمل بالعام ، بل كما يصلح للمخصصية في الفرض المزبور يصلح للمخصصية أيضا في فرض وروده بعد وقت العمل بالعام ، فيمكن ان تكون المخصصات المتأخرة الواردة عن الأئمة (ع) هي المخصصات حقيقة ، لا انها كاشفات عن اتصال كل عام حين صدوره بمخصصه ( وتوهم ان ) مصلحة الحكم الواقعي الذي هو مفاد المخصصات المنفصلة ان كانت تامة فلا بد من اظهاره والتكليف به من الأول ( وان لم تكن ) تامة ولو بحسب مقتضيات الزمان بان يكون للزمان دخل في الملاك فلا يمكن ثبوت الحكم الواقعي حتى يكون مفاد العام حكما ظاهريا ، بل يكون الحكم الواقعي هو مفاد العام إلى زمان ورود الخاص ، وفي مثله يكون الخاص المتأخر عن وقت العمل بالعام ناسخا لا مخصصا ( مدفوع ) بما ذكرنا من أن مجرد تمامية ملاك الحكم الواقعي في المخصصات المنفصلة لا يلازم وجوب اظهاره والتكليف به من الأول ، لا مكان ان يكون في التأخير مصلحة ولو كانت هي لتسهيل على المكلفين في الصدر الأول أو جلب رغبتهم في الإطاعة والعبودية أو غير ذلك ( فيمكن ) حينئذ ايكال اظهاره إلى أوصيائه عليهمالسلام مع اعطاء الحجة فعلا على خلاف الواقع.
( واما المقدمة الثانية ) ففيها منع كون النسخ عبارة عن رفع الحكم الثابت الفعلي من جمع الجهات ( بل نقول ) انه يكفي في صحته مجرد ثبوت الحكم ولو بمرتبة انشائه الحاصل بجعل الملازمة بينه وبين شرطه في مقابل عدمه ، كما في الموقتات والمشروطات